"فلان جداً مناسب"، "ونعم الاختيار"، أو "صراحة الشخص المناسب في المكان المناسب"، عبارات نسمعها في بيئة عمل كل منّا، تعكس مدى التوافق المهني أي التطابق أو التناغم بين الفرد وعمله، حيث يعتبر التوافق هدفاً أساساً في ميادين الحياة المختلفة، يظهر أكثر وضوحاً في ميدان دون غيره، ولعل التوافق المهني من المجالات التي ينبغي أن يحقق فيها الموظف أكبر قدر من التوافق. ترجع ضرورة الاهتمام بالتوافق المهني لعاملين أساسيين: أبرزهما أن الموظف يقضي نسبة 33 % وقد تزيد على ذلك في ميدان العمل، بينما العامل الثاني انعكاس بيئة العمل على حياة الموظف ومكانته بنفس النسبة ذاتها، لذا، لا بد من وضع الموظف المناسب في المكان المناسب له من حيث قدراته، إمكاناته، وميوله. يساعد في ذلك عمليتان هما الاختيار المهني، والتوجيه المهني، إن لم تتحقق فهي أحد العوامل التي تزيد من نسبة التسرب في وقتنا الحالي الذي تعاني منه المؤسسات فيضطر بذلك للتنقل بين الفينة والأخرى بحثاً عن حاجة التوافق. ويتم انتقاء الموظف المناسب في المكان المناسب له؟ هناك أربع عمليات تدعم المؤسسات وتعزز قيمة الولاء والانتماء المؤسسي يمكن إيجازها في الآتي: الاختيار المهني ويعنى بها العملية التي يتم عن طريقها اختيار أفضل المتقدمين لوظيفة ما، بحيث يعتبرون أفضل المرشحين صلاحية للتعيين في وظيفة ما. فعلى سبيل المثال لدينا احتياج وظيفي بعدد أربعة مقاعد في حين تجد مئتين يتقدم لكسبها. هنا تظهر الحاجة الماسة لانتقاء أفضل المرشحين لها. التوجيه المهني ويمثل العملية التي يتم بها اختيار أنسب مهام عملية لموظف معين، ستكون الخيارات مناسبة في مهام مختلفة ولكن يظهر دور التوجيه المهني في اختيار المهام الأكثر ملاءمة بحيث تضمن نجاح الموظف مستقبلاً، بذلك يتم ملامسة حاجة التوافق. على سبيل ذلك موظف يمتلك مهارات عدة قد يتميز في مهام إشرافية أكثر من المهام الفنية. التأهيل المهني وفي جوهرها تعني إعادة قدرة الموظف على العمل والإنتاج، هذا ما تتوجه له رؤية مملكتنا 2030 في أن تكون أنموذجاً رائداً في العالم من خلال تمكين بعض الأفراد من الحصول على فرص عمل مناسبة وتعليم يضمن استقلاليتهم ودمجهم في المجتمع بوصفهم عناصر فاعلة في المجتمع، كما ستمدهم بكل التسهيلات والأدوات التي تساعدهم على تحقيق هذا النجاح، بما لا يؤثر على طبيعة المؤسسات ويتناغم مع إمكاناتهم بعد التأهيل. لدينا الكثير من النماذج السعودية تترأس قيادة شركات كبرى، فعجزه زاد إرادته، فحقق النجاح المأمول. النقل المهني والغرض من العمليات المذكورة أعلاه هو أن يوضع الموظف في المكان المناسب له بحيث يحقق فيه نجاحاً كبيراً، فقد لا يتحقق هذا النجاح لأي سبب كان، حينها نقف أمام أمرين وهي محاولة تتبع أسباب هذا الفشل لعلاجه في أسرع وقت ممكن، بينما لو تعثر ذلك، أمامنا ما هو أكثر جدوى وقد تغفل عنه بعض إدارات المؤسسات يتمثل في نقل الموظف داخل المؤسسة نفسها ليس عنوةً، أو تأديباً نتيجة تقصيره، بل دعماً لتحقيق نجاحه حينها حققنا توجيهاً مهنياً جديداً. ويمكننا القول: إنه مع مرور هذه العمليات الأربع (الاختيار، التوجيه، التأهيل، النقل) قد حققنا أكبر قدر من التوافق أو التطابق المهني الذي كان أساسه عمليات ثلاث للبدء بها وهي: تحليل العمل بصورة موجزة تضمن الإنتاج والنجاح، وتحليل الموظف بما يضمن تحقيق حاجته، وعمل مواءمة بما يضمن تحقيق التوافق أو التطابق بين الموظف وعمله.