الفن الفطري .. هو مصطلح يطلق على أعمال فنية ذاتية التعلم، غالبا في نطاق الفن التشكيلي، مع اهتمام بالالتزام بالبساطة في الأداء واسترسال في خيال الصورة. ولقد أظهر الكثير من الفنانين المعاصرين ميلاً للاستفادة من الأسلوب الجمالي الشعبي في الفن البدائي، فقد مال الفنان بول غوغان إلى الفطرية والرمزية مستوحياً الفن البدائي لجزر هاواي، وكذلك يلاحظ أثر الفنون البدائية في لوحات فناني النزعة الوحشية ولوحات هنري روسو وبابلو بيكاسو الذي استعار عناصر النحت الإفريقي، خاصة العيون المفتوحة وملامح الوجوه المشابهة للأقنعة وفهم المنظور فهماً خاصاً. وغالبًا ما يعتبر الفن الفطري فنًا غريبًا يمارسه أحدهم بدون تدريب رسمي (أو قليل) أو بدون درجة رسمية، كان هذا صحيحًا قبل القرن العشرين. صفات الفن الفطري غريبة بالنسبة إلى الصفات الرسمية للرسم، لا سيما أنها لا تتبع قواعد المنظور الثلاثة. لكننا اليوم أمام موهبة بالفطرة، لم يتعلم أبجديات القراءة والكتابة، وبفطرته الجميلة استطاع أن يرسم ملامح الفن العالمي في لوحاته الجدارية، حيث حول جدارية مزرعته لتحفة فنية، بل وضع قرية التوبي بمحافظة القطيف على خارطة الفن العالمي. الفنان الفطري إبراهيم الميلاد من بلدة التوبي بمحافظة القطيف بالمنطقة الشرقية يرسم الفرح بتلقائية بمواصفات فنية عالمية، استوقفني أنه لا يعرف تلك الفنون بمسماها، لكنه يعي تماماً ما يلونه، يرسم قصصا يتخيلها وأحياناً يجدها مرسومة في عقله الباطني، يرسم دون فكرة مسبقة لما سوف تخرج عليه اللوحة، يبدأ بنقطة ثم يسترسل في الرسم حتى تكتمل اللوحة، وهنا تدور الحكايات في ذهن الميلاد حتى تكتمل الحكاية، ونجد الكثير من الرموز الطبيعية في مجمل اللوحات الجدارية، وهي مرتبطة بشكل كبير بالحالة النفسية التي يمر بها الميلاد حين ممارسته الرسم، فأحياناً يستحضر الطفولة في رسمه، وأحياناً يدمج بين الرسم والفسيفساء، وأحياناً يقفز لفن الفراغ، فيذهب لتلك النخلة يزينها ويلونها وكأنها عروس. اليوم يضع الفنان الميلاد قرية التوبي على خارطة المسار السياحي في المنطقة الشرقية، ويجعل من القرية مزاراً لعشاق الفن والجمال، ويبقى الدور المهم على المجتمع لإبراز هذه التحفة الفنية، وتهيئة الموقع ليكون موقعاً سياحياً جاذباً لزوار القطيف، ونفخر بهذا الفنان المبدع، ونحتفي فيه، ونهيئ ذلك المكان قدر المستطاع. * فنان وناقد تشكيلي عبد العظيم الضامن*