منذ ظهور جائحة كورونا والعالم يتابع الإجراءات التي تتخذها المملكة العربية السعودية في مكافحة الجائحة، ولم تكن المتابعة كتلك التي تتابع للدول الأخرى، فهناك متابعة دقيقة لكل إجراء تتخذه المملكة، والسبب عائد إلى وجود قبلة المسلمين، ومسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حيث يمثل الحرمان الشريفان مقصدا كل مسلم. وجاءت الخطوات الأولى بتعليق العمرة للحفاظ على أرواح المسلمين المشتاقين لأدائها خاصة خلال شهر رمضان المبارك، ثم أتبعها صدور بيان وزارة الحج والعمرة بتنظيم إجراءات الحج لعام 1441 ه. ويوضح الكاتب الصحفي المتخصص في خدمات الحج والعمرة أحمد صالح حلبي أن ما تضمنه بيان وزارة الحج والعمرة، يمثل قرارا حكيما اتخذته المملكة لضمان استمرارية أداء الفريضة مع الحفاظ على أرواح المسلمين، وهي معادلة قد تكون صعبة في حال عدم وضع ضوابط تضمن استمرارية الحج وسلامة الحجيج، مبينا أن بيان وزارة الحج والعمرة لم يبن على اجتهادات، لكنه اعتمد على إيضاحات وزارة الصحة بالمملكة، وما سجلته المراكز الصحية بالعالم والتي أجمعت على استمرار مخاطر الجائحة، وعدم توفر اللقاح والعلاج للمصابين بها، وارتفاع معدل الإصابات في معظم الدول وفق التقارير الصادرة من الهيئات ومراكز الأبحاث الصحية العالمية، ولخطورة تفشي العدوى والإصابة في التجمعات البشرية التي يصعب توفير التباعد الآمن بين أفرادها. ويواصل الحلبي قائلا: جائحة كورونا داء أصاب 196 بلدا ومنطقة، وبلغ عدد الوفيات المتأثرة به قرابة النصف مليون حالة وفاة، وأكثر من 9 ملايين إصابة حول العالم، وما قامت به المملكة من إجراءات استهدفت الحفاظ على صحة حجاج بيت الله الحرام، خاصة أن الداء مخاطرة ومعدلات الإصابة به كبيرة ومرتفعة، ومعروف أن أكثر الحجاج القادمين من خارج المملكة من كبار السن. وتطرق الحلبي لبعض الأوبئة والأمراض التي ظهرت في موسم الحج ولم يتم اتخاذ أي إجراء حيالها، ومنها ما حدث عام 357 ه في عهد الدولة العباسية حينما "عرض للناس" داء الماشري "فمات به خلق كثير، وفيها مات أكثر جمال الحجيج في الطريق من العطش، ولم يصل منهم إلى مكة إلا القليل، بل مات أكثر من وصل منهم بعد الحج"، ورجح حينها بأنه الطاعون. ولم تسع الدولة حينها للبحث عن علاج أو اتخاذ إجراء يضمن سلامة الحجاج لانشغال الخليفة حينها بالفتن الداخلية، فكانت النتيجة أن أودى الداء بحياة آلاف من الحجاج. ويواصل قائلا: والمتتبع لتاريخ رحلات الحج وما حدث بها يقف أمام ما سجل عام 1883م الموافق 1301 ه الذي بلغ فيه عدد الحجاج ما بين 80.000 - 100.000 حاج، وظهر فيه داء جديد أطلق عليه المصريون مسمى "الهيضة" لما يحمله من خوف ورعب للجميع، ويعرف "باسم الكوليرا الآسيوية أو الكوليرا الوبائية، وبلغ عدد الوفيات في ذلك العام ما بين 25.000 - 30.000. كما شهدت مواسم الحج عبر العصور والأزمان ظهور العديد من الأمراض والأوبئة التي أودت بحياة آلاف من حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد رسوله المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، ومنها ما أشار إليه الأستاذ أحمد السباعي في كتابه (تاريخ مكة) ص 538، بقوله "انتشر بعض الوباء في المدينة - يقصد المدنية المنورة - وكان فيها زوار الرجبية - من يزورونها في شهر رجب - من أهل مكة فلما عادوا حجزتهم الحكومة في كرنيتينة أعدتها بالزاهر وذلك عام 1288". ومن هنا يمكن القول إن المملكة العربية السعودية، وكما أوضح بيان وزارة الحج والعمرة حرصت على تأمين سلامة حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد رسوله المصطفى - صلى لله عليه وسلم -، بما يمكنهم من أداء فريضة الحج بأمن وأمان، من خلال إقامة حج هذا العام 1441ه بأعداد محدودة جدًا ولمختلف الجنسيات من الإخوة المسلمين المقيمين بالمملكة، وهذا يعني أن المملكة حريصة على إقامة الشعيرة بشكل يوفر الأمن الصحي، ويحقق متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي اللازم لضمان سلامة الإنسان وحمايته من مهددات هذه الجائحة، وتحقيقًا لمقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ النفس البشرية. كورونا تسبب في إغلاق المطاف