كانت مضامين القرار السعودي الحكيم، بمنزلة رسالة سامية تعكس الالتزام الإسلامي والأخلاقي تجاه سلامة الحجيج وخدمتهم، فراعى إعلاء حفظ النفس كأهم مقاصد الشريعة، ولم يعطل فريضة الحج، وهو النهج التاريخي والثابت لمملكتنا التي دائماً ما تكون في الصدارة للتصدي للأحداث بمواقفها الإيجابية البناءة.. منذ أسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله-، اضطلعت المملكة العربية السعودية بمسؤوليات عظيمة جسيمة تجاه أبناء الأمة العربية والإسلامية، وتجاه العالم والمجتمع الإنساني كافة؛ انطلاقاً من نهج حكومتنا الرشيدة بالتمسك بقيم منهج الاعتدال القويم وحثه على خدمة الإنسانية جمعاء. فكان "كورونا" اختباراً حقيقياً للعالم بأسره، وللدول وقوتها وحنكتها في تخطي مثل هذا التهديد، ودولتنا الحكيمة وكعادتها لم تألُ جهداً في خدمة شعبها باهتمام مباشر وعظيم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان –حفظهما الله-، فقامت بما يلزم لحماية سلامة الحياة على أراضينا، بدءاً من جهود وزارة الصحة التي أكدت بل أثبتت أن الوضع الصحي لدينا مطمئن، وأن وطننا الكبير لديه نظام صحي قوي وقواعد وانضباط عالٍ في التعامل مع الأزمات وإدارتها، انبثاقاً من دعم وحرص القيادة الرشيدة على صحة وسلامة وأمن المواطن والمقيم معاً، ولم تدخر كذلك نفيساً في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، وأن المسجد الحرام والمسجد النبوي يحظيان بعناية واهتمام مباشر وعظيم. وكعادة المملكة وحرص قيادتها الحكيمة ودورها المؤثر المحوري، تتجلّى دوماً وتضطلع بأدوار كبيرة ومفصليّة تاريخيّة ودولية تجاه القضايا المعاصرة وإسهاماتها واهتماماتها بها؛ فكان قرار المملكة الحكيم بتنظيم فريضة الحج هذا العام بعددٍ محدود للراغبين حجاج بيت الله في أداء مناسك الحج لمختلف الجنسيات من الموجودين داخل المملكة، قرار حكيم ومأجور شرعاً. وللمتابع يجد إن القرار ما هو إلا امتداد واضح لجهود قيادة المملكة، في خدمة الحجيج والتيسير عليهم والحفاظ على سلامتهم، فهو أولاً يراعي عدم تعطيل فريضة الحج والحرص على سلامة حجاج بيت الله الحرام وضيوف الرحمن، ويراعي إعلاء حفظ النفس كأهم مقاصد الشريعة الإسلامية، ويدل على وعي قيادة المملكة بخطورة فيروس كورونا، خاصة في ظل الانتشار المتسارع لهذا الوباء الذي يهدد أرواح الناس في كل مكان من العالم. وما التأييد والترحيب والإشادة بالقرار السعودي من العالم بأسره والدول العالم الإسلامي، إنما يعكس الحاجة للحكمة والحنكة اليوم، وخاصةً في ظل ما تشهده الأزمة العالمية وتداعياتها، حيث تعد مرحلة مهمة في تاريخ البشرية، للخروج وبناء موقف إسلامي متماسك. كانت مضامين القرار السعودي، بمنزلة رسالة سامية تعكس الالتزام الإنساني والأخلاقي تجاه سلامة شعوب العالم، وتُسلط في ذات الوقت الضوء على ضرورة تكاتف الجهود وتضامن الحكومات لمواجهة جائحة كورونا والخروج من تداعيات هذه الأزمة بحزمة من القرارات والخطوات التي تضمن سلامة الإنسان، كما شكلّت بارقة أمل لدول العالم من وجود التزام إنساني وأخلاقي قوي من قبل المملكة؛ أكدته بقراراتها المتتابعة الداخلية والدولية؛ تأكيداً على حماية الأرواح ومواجهة جائحة كورونا المستجد بتداعياتها كافة. هذا هو النهج التاريخي والثابت والحصن المنيع لمملكتنا المجيدة التي تولي أهميةً وحرصاً على إيجاد مخارج وإدارة للأزمات العالمية، وامتداداً لمواقفها السابقة التي دائماً ما تكون في الصدارة للتصدي للأحداث بمواقفها الإيجابية البناءة التي تقود إلى خير البشرية، وما يترتب عليها من آثار إنسانية واقتصادية واجتماعية، وتتطلب استجابة حكيمة شجاعة. ختاماً، نتضرع إلى الله –العلي القدير- أن يديم على وطننا العامر المجيد المبارك نعمة الأمن والأمان، وأن يحميه من كل شر ومكروه، وأن يبارك في جهود ولاة أمره وشعبه المجيد.