في عام 1949م، وبعد رحلة حثيثة بين قصص الشعوب والحكايا والأساطير، قدم العالم الأميركي جوزيف كامبل قراءته النوعية لماهية تشكيل الرموز والشخصيات المحورية في التاريخ، والتي ناقشت النمطية والتشابه المرحلي في الظروف والتكوين لحكايا الأبطال على مر الأزمان، من خلال نظريته الرائدة "رحلة البطل" Hero's Journey. لم يكن كامبل يتوقع حينها أن تلك النظرية ستكون إلهاماً للحرف الأول في كل كتب القصص المصورة للأبطال الخياليين، ولا المشهد الأول لأنجح الأفلام السينمائية في عوالم هوليوود، ولا حتى الدرس الأول للكُتّاب والمخرجين في كبرى المدارس وكليات الفنون. تدور النظرية في حلقة متسلسلة من المراحل التي تحمل البطل فيها من "العَادِية" إلى "البطولية" ضمن معالم رئيسة تبدأ بذلك النداء الخفي المتكرر لخوض المغامرة، مروراً بالدعم والتوجيه من قبل الحكيم أو المعلم، إلى تجاوز حدود الاعتياد والقفز في غمار المجهول. لا تخلو تجربة صناعة البطل من تكالب الأشرار والأعداء وسوداوية الأحداث، التي تثخن كيان البطل بالجروح والآلام، وإنها وإن تكن تقضي عليه إلا أن النَفَسَ الأخير في روح البطل يظل متشبثاً بالهدف ويعود لينتصر ويلبي النداء. انتهى الفيلم، غادِر مقعدك في دور السينما المظلمة، قِف في النور، وكن أنت القصة التالية.. عُد إلى مذكرتك اليومية واسأل نفسك.. أين تقف الآن في رحلة صناعة البطل فيك؟ أكشن! "البطل هو الشخص الذي أفدى بنفسه لغاية أكبر منه". فأدوار البطولة في الحياة لا تحتاج إلى أقنعةٍ أو أزياء ملونة، أو مسارحٍ وموسيقى مصورة، هي رحلة تبدأ بالإنصات للصوت الصادق فيك، للغاية العظمى التي تحييك، للصرخة التي تحرر الرغبة أن تكون، للجرأة بالخروج عن المألوف والسعي في سُبر المغامرة. هي التجربة التي تعيد تعريف من نحن من خلال أعمالنا وتضحياتنا وعطائنا، وقدرتنا على أن نواجه أكبر مخاوفنا ونتغلب عليها، ف "الكهف الذي تخشى دخوله يحتوي الكنز الذي تبحث عنه". إذاً ما هي قصة البطولة التالية التي ستكون إلهاماً لجيلٍ من الحالمين الباحثين عن الأمل؟ هل ستتجرأ على الممكنات وتقفز من على سفوح الراحة نحو المغامرة؟ وأخيراً هل ستجيب نداء الطفل فيك وترتدي عباءة الشغف كزي البطل الحقيقي وتلبي نداء الواجب؟ كن البطل الذي تريد أن تكون.