تسللت عبر نقاط العبور والموانئ الدولية في مدن المملكة، الموجة المبكرة من حاملي فيروس كورونا المستجد. قبل أن يجتاح هذه الوباء ما يزيد على خمسين في المئة من إجمالي المدن والمحافظات إلى اليوم. وقد أظهرت مؤشرات تفشي هذا الوباء بين سكان تلك المدن والمحافظات، التي امتدت لها العدوى، تفاوتاً كبيراً فيما بينها، سواء كان ذلك في عدد من أصابهم الوباء من المواطنين والمقيمين، الذين حظوا بالعناية الطبية المجانية، ونالوا الشفاء بحمد لله، أو من اختارهم الله منهم إلى جواره، ممن توفوا بسبب عدم قدرتهم على مقاومة أعراض هذا المرض الفيروسي الشرس. من البيانات المنشورة لمؤشرات تلك الجائحة، في المدن والمحافظات التي وصلتها موجة العدوى، نجد أن سبع مدن فقط، رصد فيها ما يزيد على (86 %) من الإصابات التي سجلت لهذا الوباء في المملكة، تلك المدن هي العاصمة الرياض، مكةالمكرمة، جدة، المدينةالمنورة، الدمام، الهفوف، والجبيل. في حين أن النسبة الأدنى المتبقية توزعت بدرجات متفاوتة في مائة وتسع وأربعين مدينة ومحافظة أخرى سجلت بها حالات إصابة. بلغ أعلى رقم للإصابة في البعض منها حالة واحدة فقط، بل وتلاشت بعد أن حظيت بالشفاء ولله الحمد. ترتيب تلك المدن من حيث مؤشري عدد المصابين بالوباء نسبة للسكان، وعدد الوفيات قفز بمكةالمكرمة - حفظها الله - لتكون على رأس القائمة، وهذا فيما يبدو أحد مبررات استثنائها عن بقية مدن المملكة الأخرى في الإجراءات الأخيرة المتعلقة بالسماح بالتجول، وإقامة صلاة الجمعة والجماعة عدا الحرم المكي. تلتها في هذا الترتيب مدينة جدة، فالمدينةالمنورة، ثم العاصمة الرياض، وبعدها مدن المنطقة الشرقية. مؤشر عدد التكاثر الذي يستخدم الرمز (R0) للتعبير عن عدد الأشخاص المحتمل أن تنتقل لهم العدوى من شخص مصاب، تشير البيانات أن مقداره في المملكة يبلغ (1.3) بوجه عام، مما يعني أن العدوى ما زالت قادرة على الانتشار، وبالتالي يحتم ذلك تطبيق السلوكيات الصحية السليمة، وبعض الإجراءات الاحترازية، إلا أنه لا توجد أرقام منشورة عن مقدار هذا المؤشر على مستوى المدن، وهو ما أتصور أهميته في المرحلة الحالية، وهي مرحلة التعافي والتعايش مع الفيروس، خصوصاً في المدن التي استقطبت النسبة الأعلى من حالات الإصابة فهذا المؤشر يعزز من وعي الناس في تلك المدن بقوة الفيروس على التفشي، لا سيما وأن مرحلة التعافي والتعايش تلك ستمتد فيما يبدو لأشهر، إن لم يكن أكثر من ذلك لا قدر الله.