تبدأ في ذي القعدة القادم عملية قبول الطلبة في مؤسسات التعليم العالي، ويوجد في السعودية أكثر من 28 جامعة حكومية وما يزيد عن 40 كلية تقنية تختلف طاقتها الاستيعابية بحسب الكثافة السكانية التي تتواجد فيها، ما يؤدي الى عدم قدرة البعض منها توفير فرص قبول مناسبة عندما تمتلئ المقاعد من الطلاب الأكثر تميزاً، ولكن هذا المبدأ لا ينطبق تماما عندما يتقدم خريجو المدن المزدحمة الى مؤسسات التعليم العالي في مناطق أخرى ولا تشفع نسبهم المرتفعة حتى المنافسة امام شروط ومعايير غير موحدة بين خريجي ثانويات المحافظة التي تقع فيها الجامعة او الكلية ومن يأتي من خارج نطاقها الجغرافي!. ومع ان هذه الإجراءات غير قانونية إلا انها وللأسف مطبقة بشكل او بآخر في كثير من مؤسسات التعليم العالي وأدت الى غياب التكامل في موضوع حساس ومهم، ينتج عنه عدد من التبعات الخطيرة، تتمثل في: عدم اتاحة فرصة التحاق بعض الطلاب المتفوقين بتخصصات تناسب استعداداتهم وحرمان الوطن من كفاءات متميزة، بسبب اكتفاء الكليات التي يتبعون لها جغرافيا كما يحدث في العاصمة والمناطق المزدحمة، وتفضيل الكليات الأخرى خريجي محافظاتها حتى ولو كانوا اقل في المستوى. عدم الاستفادة من الموارد حيث ان تطبيق معايير قبول خاصة لأبناء المنطقة يتيح لهم القبول رغم تميز غيرهم، وذلك يقود في احوال كثيرة الى تسرب الطلبة وعدم القدرة على تحقيق متطلبات الدراسة التي تحتاج الى استعدادات ومهارات لم يقبل المتقدمين الأفضل فيها!. ضعف مستويات الخريجين في بعض الجامعات التي تعمل مجالسها التشريعية على تخفيض المعايير المطبقة للتخصيص والتنازل عن كثير من الشروط حتى لا تصبح المقاعد شاغرة نتيجة ضعف مستوى المدخلات. عدم الاستفادة من وجود طلبة متميزين من خارج المحافظة في رفع المستوى العلمي للجامعة وإضافة خبرات جديدة وحضور التنوع الثقافي ودفع عجلة الاقتصاد المحلي. انعدام فرص تحفيز الطلبة لرفع مستوياتهم العلمية والمهارية حيث لم تتح المنافسة العامة مع الجميع. نمو الاتجاهات التعصبية المناطقية التي تهدد القيم الوطنية عندما لا تكون فرص القبول متاحة للجميع بحسب التميز العلمي والمهاري وليس الانتماء لمنطقة أو مدينة ما. ولعل من الممكن الحد من مثل هذه التداعيات الخطيرة وتحقيق الاستفادة الكاملة من الموارد والكفاءات، عن طريق تطبيق خطة قبول مركزي ذي معايير موحدة، عبر الخطوات الآتية: تطبيق اختبار موحد للقبول في مؤسسات التعليم بعد الثانوي والجامعي يأخذ بالاعتبار القدرات والاستعدادات المناسبة للتخصصات المتاحة. يتم احتساب النسبة الموزونة الموحده للجميع (50 لاختبار القبول + 50 للثانوية العامة). يقوم الطلبة بتحديد الرغبة من حيث التخصص والمكان. تجرى مفاضلة عامة لجميع المتقدمين على مستوى المملكة ويتم تخصيص ما لا يزيد عن ثلاثة خيارات لكل متقدم تنطبق عليه الشروط والمعايير الموحدة، ويطلب منه تأكيد أحدها. بعد الانتهاء من تأكيد مقعد القبول، تظهر المقاعد المتبقية في مختلف الجامعات والكليات على مستوى المملكة، وبناء عليه يتم إعادة الفرز وتوزيع المقاعد للطلبة الذين لم تظهر لهم الفرصة سابقاً حسب تسلسل النسب والرغبات المدخلة. ولا شك ان ذلك يتيح فرص عريضة في مختلف مؤسسات التعليم العالي ويتيح الاستفادة من الموارد والامكانات في جميع أرجاء الوطن ويضمن العدالة وفق ترتيب الدرجات الموزونة بين الجميع. وقفة: لا بد ان تكون مؤسسات التعليم متاحة للجميع ولافرق بين سعودي وسعودي إلا في الدرجة الموزونة وكفايات التخصص.