أكدت المملكة مجدداً سعيها الحثيث وبذل كل ما من شأنه استعادة الاستقرار لأسواق النفط العالمية والاقتصاد العالمي، حيث تتخذ قرارات جريئة في سياستها البترولية العادلة التي تراعي كافة مصالح الدول المنتجة والمستهلكة. وأعلنت المملكة الاثنين عن خطوة مفاجئة لخفض إنتاج النفط بمقدار مليون برميل أخرى في اليوم تضاف إلى تخفيضات أوبك+، لتصل أدنى مستوى لها في 18 عامًا. وخفضت المملكة الآن الإنتاج بنحو 4.8 ملايين برميل من أعلى مستوى بلغته في أبريل 12.3 مليون برميل في اليوم وعلى أثرها ارتفعت العقود الآجلة للنفط، بينما يحاول أكبر منتج ومصدر للنفط الخام في العالم، تحفيز الانتعاش من أزمة الطاقة. وأكد وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان دأب المملكة على تقديم مبادراتها الطوعية في خفض المزيد من الإنتاج بأمل استعجال عملية إعادة التوازن للسوق النفطية المضطربة بتداعيات الجانحة ومحاولة إنعاش الاقتصاد العالمي. ولفت سموه لملاحظة بعض علامات زيادة الطلب على النفط، وخاصة للبنزين، بعد تخفيف قيود الإغلاق والعودة النشطة لمحركات الوقود، إلا أن خفض المزيد من الإنتاج يعجل استعادة التوازن، في إشارة إلى استهداف المملكة إنتاج أقل بكثير في يونيو، مثلما فعلت حينما طلبت من شركة أرامكو السعودية خفض الإنتاج في مايو بالموافقة مع عملائها. وشدد وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان على حمل المملكة كافة قضايا سوق الطاقة العالمي وحلها بالحكمة باتفاق جميع الدول وتفخر بكونها سباقة لأخذ زمام المبادرات التي تستهدف مصلحة الاقتصاد العالمي بعد أن أثبتت المملكة بأنها مصدر أمن الطاقة العالمي، بينما يرى سموه إن سيناريوهات الطلب الأسوأ لم تتحقق، والمملكة تظل مضرب المثل للمستوى الذي يليق بأكبر منتج ومصدر للطاقة في العالم بتقديم مصلحة الاقتصاد العالمي الذي يتحقق من خلاله التوازن والاستقرار والاستدامة. وتأتي التخفيضات بعد أيام من اتفاقية المملكة والولايات المتحدة على أهمية الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية. إن نهج المملكة في التعامل مع سوق النفط يثير دهشة النقاد باعتباره محسوباً بذكاء لخدمة مصالح الاقتصاد العالمي على المدى الطويل، والمملكة هي المنتج الوحيد للنفط الذي يمكنه زيادة الإنتاج لسد النقص الفوري في الإمدادات. في حين اعتادت المملكة على إلقاء اللوم عليها عندما تبدو الأسعار مرتفعة للغاية، وكذلك الحال يتم إلقاء اللوم عليها عند انخفاض الأسعار. ولكن المملكة لا علاقة لها بالزيادة في العرض أو بالانخفاض الناجم عن تدمير الطلب على النفط. والمملكة تقود أوبك+ في محاولة لعكس بعض أو كل الانخفاض في الأسعار من خلال الحد من الإنتاج لخفض العرض. ووفقاً لبيانات السوق تهدف المملكة إلى ضخ أقل بقليل من 7.5 ملايين برميل يوميًا في يونيو، مقارنة مع المحدد لها بموجب اتفاقية أوبك+ التي تقل عن 8.5 ملايين برميل يوميًا وسينخفض إنتاجها إلى أدنى مستوى له منذ منتصف عام 2002. ويعتبر هذا الخفض رمزياً بشكل خاص لأنه يخفض الإنتاج السعودي إلى ما دون 8 ملايين برميل في اليوم. وبموجب اتفاقية أوبك+ الأخيرة، كانت المملكة تستهدف إنتاج 8.5 ملايين برميل يوميًا في شهري مايو ويونيو. في حين قد تكون أرامكو قادرة على تقليل الإنتاج، من المرجح أن تكون أي تخفيضات صغيرة نسبيًا، حيث توافق شركة أرامكو على مستويات الشحن مع مصافي التكرير قبل أسابيع.