توشك إحدى أكبر البعثات الأثرية متعددة الجنسيات على مستوى المملكة اكتشاف الحلقة المفقودة في تاريخ الشرق الأدنى، وفك أسرار المملكة الدادانية القديمة بالعلا ،،وذلك بفضل الشراكة بين الهيئة الملكية للمحافظة وجامعة الملك سعود والوكالة الفرنسية لتطوير العلا والمركز الفرنسي الوطني للبحث العلمي. وفي معرض تعليقه على البعثة، قال د. عبد الرحمن السحيباني من فريق المتاحف والمعارض في الهيئة والمشرف المشارك على المشروع إلى جانب جيروم رومر من المركز الفرنسي الوطني للبحث العلمي: "تجسّد معرفة تاريخ وسبب نهاية مملكة دادان إحدى النقاط الرئيسية التي نأمل معرفتها، حيث اعتمدنا حتى الآن تاريخ نهاية دادان في نهاية القرن السادس قبل الميلاد تقريباً دون وجود أيّة أدلة قوية تدعم ذلك، ويمكننا فقط تخمين الأسباب التي تقف خلف هجرة هذه الحضارة من المنطقة. كما نطمح لمعرفة المزيد عن العلاقة التي كانت تربط بين الدادانيين والليانيين، وهي مملكة عربية أخرى من المنطقة، وعلاقتهم مع الأنباط الذين وصلوا من الشمال لاحقاً"، إن الثقافة الدادانية واللحيانية تسبق وجود الحضارة النبطية والوجود الروماني في شبه الجزيرة العربية، وتؤكد عمق التاريخ الموجود في المنطقة، ومن المتوقع لأعمال التنقيب التي ستستمر خمس سنوات أن توضح مصير المملكة وتاريخها العائد إلى أكثر من 2700 سنة مضت، بالإضافة إلى تسليط الضوء على دورها الأساسي في الطرق الداخلية للتجارة القديمة، حيث شهدت منطقة العُلا تطور العديد من الحضارات القديمة الأخرى أيضاً. ومن المقرر أن تستمر حملة التنقيب حتى عام 2024، حيث ستستمر أعمال التنقيب لمدة شهرين سنوياً يتبعها جلسات تحليل ودراسة للاكتشافات الجديدة. واستناداً إلى نتائج حملة التنقيب التي بدأتها جامعة الملك سعود منذ عام 2004، ستركّز حملات التنقيب الجديدة على أربع مناطق رئيسية: القلعة الإسلامية بالقرب من مملكة دادان، من الواضح أن الدادانيين أعادوا بناءها عندما استوطنوا المنطقة، لمعرفة وظيفتها الحقيقية وتواريخ عملها؛ والمعبد الداداني الذي تم الكشف عنه للحصول على تسلسل زمني صحيح ومعرفة طبقات البناء (علم الطبقات)؛ وسيتم إجراء المزيد من أعمال التنقيب في مبنى كبير اكتشف مؤخراً جنوب المعبد الداداني لتحديد غرض وتاريخ بنائه؛ وأخيراً سيقومون بحملات تنقيب أوسع في مقابر دادان لمساعدة علماء الآثار على اكتساب فهم أفضل للممارسات الجنائزية الدادانية. وفضلاً عن أهدافه البحثية الأساسية، يوفر المشروع أيضاً فرصة للطلاب من جامعة الملك سعود لاكتساب خبرة عملية من الخبراء الدوليين والسعوديين في الفريق، حيث سيعمل أربعة وعشرون طالباً إلى جانب أقرانهم الدوليين، مما سيتيح لهم فرصة لاكتساب الخبرات وتطوير قطاع التراث الثقافي المحلي. لم يتمكّن إلا عدد قليل من الزوار العالميين من زيارة الموقع الفريد الواقع على بعد أربع ساعات إلى شمال شرق المدينةالمنورة، حتى أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية لمحافظة العلا القرار الذي ينص على فتح أبواب المملكة العربية السعودية أمام الزوار العالميين، تماشياً مع خطط رؤية 2030في تطوير قطاع السياحة. ومن ذلك الحين، تعمل الهيئة الملكية لمحافظة العُلا على اكتشاف تاريخ الموقع، وذلك في إطار الخطة الرئيسية الأولى الهادفة للارتقاء بمكانة محافظة العُلا كأول متحف حيّ على مستوى العالم. كما تضمن المبادئ الإستراتيجية ال 12 المستمدة من خطة إطار عمل الهيئة وميثاقها الحفاظ على تنمية المنطقة المستدامة، بما في ذلك حماية المواقع الثقافية والتراثية ذات الأهمية الوطنية في محافظة العُلا. وتجدر الإشارة إلى عرض القطع الأثرية العائدة إلى مملكتي دادان ولحيان مؤخراً في معرض العُلا - واحة العجائب في الجزيرة العربية في معهد العالم العربي في باريس. سيتمكن خبراء المتاحف والمعارض من تفسير أهمية هذه القطع الأثرية والبدء بعرضها في المعارض من خلال التنسيق والعمل مع علماء الآثار أثناء اكتشافهم لقطع أثرية جديدة.