أوضح اقتصاديون أن لقاء وزير المالية محمد الجدعان اتسم بالشفافية العالية، بالإضافة إلى مصارحة السعوديين بالصعوبات في المرحلة القادمة، حيث أعطى تصورا عاما عن آليات العمل خلال العام 2020، مما يدفع القطاع الخاص لوضع الخيارات المناسبة، مؤكدين، أن اللقاء أسكت التكهنات التي كانت تتردد خلال الفترة الأخيرة، وأعطى رسائل مطمئنة للجميع سواء للقطاع الخاص أو للموظفين من خلال التأكيد على الحفاظ على وظائف السعوديين بالقطاع الخاص. وقال عبدالرحمن العطيشان، رئيس غرفة الشرقية سابقاً، إن الآثار المترتبة على تقليص الإنفاق ليست خافية على السوق، مؤكدا في الوقت، أن تلك الانعكاسات سيتم استيعابها بطريقة أو بأخرى، لافتا إلى أن أزمة كورونا خلقت فرصا استثمارية لدى بعض الأنشطة الاقتصادية، فالفرص تخرج من المحن، موضحا، أن لقاء وزير المالية سيدفع الكثير من الشركات لإعادة الهيكلة وتنظيمها للتعامل مع المرحلة القادمة، مطالبا الغرف التجارية بتنظيم ندوات لمناقشة الآليات المناسبة للمرحلة القادمة. وأوضح، أن وزير المالية لم يدخل في التفاصيل، حيث أعطى خطوطا عريضة سواء بالنسبة للآليات المتبعة للاقتراض والمؤسسات المالية المستهدفة وكذلك بالنسبة للقطاعات المستهدفة بالتقليص وغيرها من التفاصيل الدقيقة، مؤكدا، أن الإنفاق الكبير على مواجهة كورونا أثر على الميزانية وكذلك انخفاض أسعار النفط ساهمت بتقليص إيرادات الدولة، مبينا، أن الكثير من الدول العالمية تأثرت بنسبة كبيرة نتيجة جائحة كورونا، متوقعا تحسن الاقتصاد العالمي في العام 2021، فالاقتصاد العالمي سيبدأ الدورة النشطة مع تعافي الصين والولايات المتحدة والاقتصاد الأوروبي. وأكد إبراهيم آل الشيخ، رئيس لجنة الصناعة والطاقة بغرفة الشرقية، أن المملكة قادرة على الخروج من أزمة كورونا، خصوصا مع امتلاكها لأهم مصادر الطاقة (النفط) والذي ما يزال يشكل عصب الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن، بالإضافة لذلك فإن المملكة تصدر البتروكيميائيات التي تحتاجها الكثير من الصناعات العالمية في الصناعات التحويلية، الأمر الذي يعطي المملكة ميزة نسبية بالقياس للكثير من الاقتصاديات العالمية، فهي تمثل المصدر الأول للنفط والبتروكيميائيات في العالم، مشيرا إلى أن أزمة كورونا دفعت الكثير من القطاعات الاقتصادية لتفعيل مستهدفات رؤية 2030 ولعل أبرزها تقليل الاعتماد على النفط ورفع نسبة القطاع الخاص من الناتج الوطني، وقال إن الأزمة ساهمت في استحداث مثلا تجربة العمل "عن بعد" حيث أثبت استخدام التقنية الجدوى الاقتصادية لمواصلة النشاط التجاري، مؤكداً، أن القطاعات التجارية تعمل على تقليص الإنفاق لمرحلة ما بعد أزمة كورونا والاستفادة بتنظيم الأعمال "عن بعد"، مشيرا إلى أن التجارة الإلكترونية أثبتت جدواها في عملية التواصل وتحريك الكثير من الأنشطة الاقتصادية، وأشار إلى أن اقتراض 220 مليار ريال من الحلول الاضطرارية، مؤكدا، عدم وجود مخاوف من الاقتراض لتنفيذ المشروعات أو سد العجز الحاصل في الميزانية العامة، مبينا، أن قوة الاقتصاد تسهم في الاستفادة من حلول الاقتراض. وأوضح فضل البوعينين، المحلل الاقتصادي، أن جائحة كورونا أحدثت أثرا بالغا في الاقتصاد السعودي أسوة باقتصادات العالم خاصة في تأثيرها على أسعار النفط التي انخفضت بنسبة 60 % مما أثر سلبا في الإيرادات الحكومية، لافتا إلى أن آثار كورونا الحادة أرغمت كبريات الاقتصادات العالمية على اتخاذ إجراءات عميقة وهو ما قررت المملكة اتخاذه حماية للمالية العامة. وذكر، أن عدم وضوح مستقبل الجائحة وزمن انتهائها يتسبب في الضغط على الاقتصادات العالمية والاقتصاد المحلي خاصة وأن حزم الدعم المقدمة في فترة وجيزة تجاوزت 180 مليارريال ولهذا أثر على التدفقات النقدية خاصة إذا ما استدعى الأمر مزيدا من حزم الدعم في الوقت الذي انخفضت فيه الإيرادات بأكثر من 50 %. وأشار إلى الدولة تركز بشكل خاص على الحماية الصحية وحماية الموظفين السعوديين وعدم المساس بالخدمات الرئيسة وهذا أمر يتطلب الكثير من الضبط المالي والتدبير وبما يساعد على تحقيق توازن المالية العامة، مضيفا، أن التحديات الأخرى التي تواجهها المملكة ومنها التحديات الجيوسياسة التي تتطلب الكثير من العمل لحماية البلاد والعباد منها، مؤكدا، أن القيادة لن تقدم على اتخاذ إجراءات تحوطية مرتبطة بالمالية العامة إلا بعد استنفادها جميع السبل للحؤول دون ذلك؛ كما أنها لن تقدم على المس بالنفقات الأساسية، ورأى أن استراتيجية شد الحزام وترتيب أولويات الإنفاق من الضروريات التي تتخذها الحكومات في حال الأزمات الاقتصادية؛ مضيفا، أن جائحة كورونا أضرت بالاقتصادات العالمية وتسببت في قطع سلاسل الإمداد وتوقف الإنتاج وانخفاض أسعار النفط ما يستوجب مواجهتها محليا باحتياطات مالية عميقة تضمن توازن المالية العامة خلال فترة الأزمة وبما يسهل عملية التعافي الاقتصادي سريعا.