يقول تشارلز داروين في نظرية الانتخاب الطبيعي Natural Selection إن الكائن الحي الذي يبقى ليس الأقوى، ولا الأذكى، وإنما القادر على التكيف. إن مفهوم البقاء والامتداد لدى داروين يعتمد على الطفرة الجينية Mutation التي تنتقل عبر الحمض النووي DNA ليورثها تباعاً للجيل القادم. وهذا من ناحية علمية صحيح، ولكن ماذا عنا نحن البشر في ظل هذه الأزمة؟ أثبتت جميع الدراسات عبر التاريخ أن الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي يكيف الواقع من أجله!! نعم الإنسان هو من اخترع الكهرباء ليضيء العتمة، واخترع السفن ليمخر بها عباب المحيطات والمجهول، وقس على ذلك جميع المبتكرات بعد أن وظف مواد الطبيعة لصناعة هذه المعجزات الإنسانية. وبناء عليه، وما دام الأمر كذلك فنحن في ظل هذه الأزمة ينبغي أن نكون أقوياء، أذكياء، ومتكيفين مع الواقع الجديد بكل معطياته. الحياة لن تتوقف، وسنمر من خلال هذه المحنة بمنح كبيرة وكثيرة -بإذن الله- ونكون أقوى!! ولكن كيف؟ إن هذا السؤال يبحث في كيفية التكيف من خلال الواقع الحالي، لنجيب عليه كلنا بطرق مختلفة إيجابية حسب ما نملك من هوايات ومهارات وتطلعات. إننا نؤمن بأن الشموس ستشرق من جديد، ونعود طيوراً تحلق في سماء السعادة. لقد راجت فكرة الفضاء الإلكتروني لشراء الكتب لتزدهر عادة القراءة من جديد، وحضور الدورات العلمية والتدريبية، والمناقشة، والحوارات بشكل غير مسبوق. إنني أشعر بنسيم الأمل رغم همسات الحنين. هكذا جبلت الحياة، وهكذا جبلنا، لنعيش التضاد والصراع بين العديد من الثنائيات كالحزن والفرح، والسقوط والنهوض، واليأس والأمل! لعل رواية آرنست همنغواي (العجوز والبحر) تجسد واقعنا لحد كبير في كيفية التعايش مع طبيعة الحياة في ظل صراعها وثنائياتها. لقد تركنا همنعواي مع بطل الرواية (سانتياغو) العجوز في منتصف البحر في قمة عزلته لنعيشها معه ونؤمن أن الأمل سلاح فاعل لهزيمة واقعنا، وأن لا نسمح لأي ظرف صعب أن يكسرنا، حتى وإن كان فيروساً يحمل الوجع في جعبته. نحن السعوديين أقوياء، أذكياء، ونتكيف مع واقعنا لأن أملنا بالله كبير! وفي دولتنا بقادتها العظام. لذلك ليسمح لي المتنبي التصرف في بيته الشعري الشهير لأقول: وليعلم الجمع ممن ضم كوكبنا أن السعودي يبدع حين ينعزل. ولنا لقاء.. سلطان الشهري