أكد رئيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «كاوست» البروفيسور توني تشان على أن للجامعات دوراً كبيراً ومهماً في التصدي لجائحة «كورونا»، مبيناً أنهم في «كاوست» جمعهم وثيق مع المركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها في المملكة (وقاية) في عدد من الأبحاث المتعلقة بتسريع فحوصات الكشف عن المصابين، إلى جانب تعاونهم مع عدد من الجهات لتصنيع أجهزة تنفسية ومعدات طبية تساعد في علاج المصابين. وقال في حديثه ل «الرياض»: « كاوست ليست شركة أدوية، وليست مختبر أبحاث حكومي وطني أو سلطة تنظيمية حكومية، لذلك، نحن نعلم العلوم الأساسية، وعبرها يمكننا العمل للقيام بذلك»، مؤكداً على أن واقع الجامعات ومراكز الأبحاث يجب أن لا يبقى على حاله بعد نهاية الأزمة، وفيما يلي نص الحوار: ورش ميكانيكية تساعد في عمليات تصنيع أجهزة تنفس عالية الجودة بداية الانطلاق * في البداية، حدثنا كيف ومتى بدأتم بالعمل في الأبحاث المتعلقة بفايروس "كوفيد-19 "؟ * قبل حوالي شهر من اليوم، أطلقنا فريق إدارة أزمة فيروس كورونا، وكنا نجتمع في بادئ الأمر ثلاث مرات في الأسبوع للتعامل مع الأزمة، وناقشنا كيف نتعامل مع التنقلات والسفر، وكيف نضع جميع مناهجنا على الإنترنت وما إلى ذلك. الجامعات يجب أن لا تعود لعهد ما قبل «كورونا».. المستقبل يبدأ الآن وأثناء تلك العملية، لفتت انتباهي إحدى مجموعات هيئة التدريس لدينا أنجزت بالفعل بحثاً يستخدم الذكاء الاصطناعي والبيانات الكبيرة في تحديد إمكانات العقاقير الموجودة والتي تستخدم لأغراض متعددة، والنظر في قدرتها على التعامل مع فيروس كورونا، لذا، عندما علمنا بذلك، اتصلنا بوزير الصحة، الذي ربطنا أيضاً بمركز (وقاية)، لأنه من الواضح أن أعمالاً من هذا القبيل تنطوي على الاختبار البشري، كجامعة بحثية، لسنا مخولين لإجراء هذه الاختبارات، إلا أننا سعداء للغاية للعمل مع مركز وقاية على هذا الموضوع. هكذا بدأت الأمور، من ثم أطلقنا نداء للعمل لهيئة التدريس وفريق البحث في كاوست للمساهمة في هذه الأزمة، واستجاب لهذا النداء الكثير من أعضاء هيئة التدريس، وكانوا على قدر المسؤولية، إذ أطلقنا فريق عمل أبحاث الاستجابة السريعة، وتتركز جهود هذا الفريق على تطوير وسائل تشخيص سريعة، والتحليل الجينومي للفيروس، والأدوات المعلوماتية الحيوية، للمساعدة في تتبع انتشار المرض وتطوره. وتعتمد هذه الجهود على المشروعات البحثية والكفاءات، التي تبلورت على مر السنين في كاوست، كما أنها جزء من مبادرة الصحة الذكية، التي تم إنشاؤها في الفترة الأخيرة، لتنفيذ مشروعات بحثية مشتركة مع المراكز الطبية في المملكة. ميدان الأبحاث * متى تتوقعون أن تدخل هذه الأبحاث في الميدان واستخدامها لمكافحة جائحة "كوفيد-19"؟ * هنالك أنواع مختلفة للأبحاث القائمة حول فيروس كورونا، وجداول زمنية مختلفة، نعمل في بعضها، وقد سبق أن عَمِلْنا، بشكل وثيق مع المركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها في المملكة (وقاية)، والبعض الآخر يستغرق فترة أطول قليلاً، ربما في غضون بضعة أشهر، وجاري العمل على عدد من الأبحاث التي قد نشهد نتائج بعضها خلال الأسبوع أو الأسبوعين المقبلين، وبعضها سيحتاج لفترة أطول قليلاً. تسريع عمليات التشخيص * إذاً دعنا نسأل عن الأبحاث التي تعمل عليها كاوست على المدى القصير للتصدي لكورونا؟ * على الأمد القصير، لدينا عضو هيئة تدريس هو البروفيسور باين قادر على إجراء اختبار تشخيصي قياسي للفيروس، لكي يستخدمه مركز (وقاية)؛ ولكي يستخدمه العالم كله، إنه في الأساس ما يسمى PCR، ويتطلب إجراء هذا الاختبار مواد كيميائية عندما تحصل على رزمة الاختبار، لذا، أصبحنا في كاوست قادرين على زيادة كفاءة تلك الاختبارات. حالياً هو عامل من ثلاثة عوامل، وربما أكثر في المستقبل، ولكن ما يعنيه هذا هو أنك تحصل على رزمة اختبار، وبدلاً من استخدامها من أجل شخص واحد، مهما كان الغرض من تصميمها، سيمكنك الآن استخدامها لعدد من الأشخاص أكبر بثلاث مرات، من دون فقدان أي دقة، ذلك لأن البروفيسور باين يعرف تماماً العلوم الأساسية التي تدخل فيها، ويعرف كيفية تحسين استخدام هذه الكواشف، وبالتالي يمكنك استخدام ثلث أقل لكلٍّ منها، مع الحفاظ على الدقة. كما لدينا، مجموعة أخرى قادرة بالفعل، من خلال أبحاثها المستمرة، على إنتاج كميات كبيرة من هذه الكواشف، أي المواد الكيميائية المستخدمة في هذا الاختبار، وأهمية هذا الأمر تكمن في أن هذه الكواشف تأتي كحزمة، فيها مواد كيميائية مختلفة، وهذه الاختبارات مكلفة، ويمكن لأعضاء هيئة التدريس لدينا إنتاج المكونات بأنفسهم، لذا فإن لهذا الأمر ميزتين: إحداها هو أنه يمكنك تجميع المكونات الخاصة بك، لذلك فهي أسرع، لأنه لا يتعين عليك الحصول على هذه الاختبارات المجهزة مسبقاً، الميزة الأخرى هي أنّه أقل تكلفة، لأنك تجمع المكونات معاً. ومن الأبحاث الأخرى التي يعمل عليها أعضاء من فريق الاستجابة البحثية السريعة، استراتيجية تخفيف التعامل مع فيروس كورونا covid-19، من خلال الاستقصاء الوبائي، بمعرفة أين أصيب حاملو الفيروسات، وتتتبّع الفيروس، بحيث يمكن تتبع الأشخاص، ومن أين أصيبوا، لكي تتمكن وزارة الصحة من صياغة سياساتها وإجراءاتها. ولدينا مجموعة أخرى من أعضاء هيئة التدريس هم خبراء في علم الوراثة، يستخدمون البيانات الكبيرة، والبيانات الجينية، ويمكنهم تتبع السلالات المختلفة للفيروس، إنه فيروس متحوّل. ولأنه متحوّل، يمكنهم إجراء تتبّع عكسي ومعرفة أن هذا التنويع جاء من هذه المجموعة أو مجموعة أخرى، أو النوع الذي ينحدر منه الفيروس. وبهذا يمكن تتبع الفيروس جغرافياً، نأمل أن يكون هذا مفيداً للقادة في صنع قرارتهم وسياساتهم. أبحاث مشتركة * ماذا عن أبحاثكم على المدى الطويل؟ * على المدى الأبعد قليلاً، ثمّة أمور قد تستغرق فترة أطول بقليل، من حيث النطاق الزمني، ولكنها مسألة أسابيع، وليست سنوات، بالمناسبة يجب أن أقول إنّ أي شيء من تريد فعله -في البحث العلمي- يعتمد على مدى معرفتك، لكن لا يمكنك دائماً توقع النتائج، وهذا هو شأن البحوث. إليك مثال. يستغرق اختبار PCR القياسي ما بين يومين إلى ثلاثة أيام، ننتظر حتى 72 ساعة لكي نحصل على النتيجة. وهذا الشخص قد يتسبب في هذه الأثناء بإصابة آخرين، من دون أن نعرف، لكنّ هناك فرقاً كثيرة حول العالم، تحاول إنتاج اختبارات أسرع بكثير، ولدينا فريق من هيئة التدريس يتعاون مع جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة، لديهم الآن اختبار جديد يستند على التقنية، سيؤدي إلى تقليص زمن التشخيص، لتظهر النتيجة في غضون نصف ساعة أو شيء من هذا القبيل، مما سيقلل كثيراً من الوقت اللازم للفحص، هذه مشروع مشترك مع جامعة أكسفورد، ونقوم بتبادل المواد ومجموعات الاختبار. لديّ ربما مثال أخير يجب أن أذكره، لأنه كان مفاجئاً لي، كلنا نريد أن نعرف أين يتفشّى الفيروس، أليس كذلك؟ لدينا أعضاء هيئة تدريس ذوو خبرة في معالجة مياه الصرف الصحي، كما تعلمون، الماء هو أحد أركان البحث الأربعة في كاوست، ولدينا مركز لدراسات تحلية المياه وإعادة استخدامها، لدينا الكثير من خبراء المياه.. إحدى أعضاء هيئة التدريس تتمحور خبرتها في معالجة مياه الصرف الصحي، وجعلها نظيفة ومستدامة، ويمكنها مراقبة مياه الصرف الصحي، وتحديد ما إذا كان هناك ارتفاع في هذا الفيروس، وهذا هو المبدأ، ويمكنك البدء بمجتمع أصغر، مثل مجتمع كاوست، ومراقبته، إذا كان هناك ارتفاع معين في مستوى هذا الفيروس، يمكنك النظر في إدارته، لأنه اختبار جماعي، وليس اختباراً فردياً. وتمثل هذه الأبحاث جهداً جماعياً لمحاولة معالجة وضع الفيروس، وتقديم مساهمة كبيرة للمملكة في مكافحتها هذا الفيروس. هذا هو جوهر ما تدور حوله جامعات الأبحاث. لذلك، أولاً وقبل كل شيء، تتوفّر الخلفية، وتتوفّر المعدات، ويتوفّر لدينا فريق من المواهب، قادر بسرعة على تكييف معداته وعقوله لمعالجة هذه المشكلة. أعتقد أن هذه نقطة مهمة للغاية أريد أن أشدد عليها، وهي أن أي المملكة، ستستفيد حقاً من توظيف هذا الخزان من المواهب والعقول والمعدات الجاهزة للمساهمة، أعتقد أن هذه هي النقطة الكبيرة التي أردت توضيحها. أجهزة تنفس وواقي وجه * ماذا عن مساهماتكم العلاجية والطبية؟ * مع كل ما ذكرته حول الاختبار التشخيصي، وربما حتى تلميحاً بسيطاً عن العلاجات، يجب أن أكون حذراً وأقول إن كاوست ليست شركة أدوية، وليست مختبر أبحاث حكومي وطني أو سلطة تنظيمية حكومية، لذلك، نحن لا نبني على سبيل المثال شركة أدوية أخرى، لسنا في موقع لتطوير أدوية، أو للتعامل مع لقاحات لهذا الفيروس، نحن نعلم العلوم الأساسية، وعبرها يمكننا العمل مع شركات أخرى، خاصّة أو حكومية، للقيام بذلك، هذه نقطة مهمة أريد التأكيد عليها، ويمكننا، بما نحن عليه، تقديم الكثير من المساهمات. والعلاجات تستند على أسس علوم الجينوم والتحليل الكيميائي والخبرة المائية والذكاء الاصطناعي وعلوم أساسية أخرى مماثلة يمكننا تجميعها، لكن يوجد جزء آخر من كاوست له مساهماته أيضاً، دعني أخبرك قليلاً عن ذلك. حين أطلقنا نداء العمل، بدأت ورشتنا للآلات، والأشخاص الذين يتعاملون مع الآلات، بتصميم ما يسمى أجهزة التنفس، وهي أجهزة تدخل في تصميم جهاز التنفس الصناعي، وثمّة نقص اليوم في هذه الأجهزة بجميع أنحاء العالم، هي في الأساس نوع من المضخة الذكية جداً التي تضخ الهواء بالسرعة والحجم والضغط المناسبين للمريض، لمنحه ما يكفي من الأكسجين، إنّها أجهزة ميكانيكية، وليست كيميائية، لذا فإن ورشتنا للآلات تقوم بالتصميم، ولديها الآن بالفعل بعض النماذج الأولية. وهذا الفريق يعمل أيضاً مع مركز (وقاية)، كما يعمل أيضاً مع مجموعة العليان للأعمال، التي لديها شبكات تصنيع، ويمكنهم المساعدة في إنتاج هذه الأجهزة، إنهم من أوائل الجهات التي أتت إلينا، كما يتعامل الفريق أيضاً مع مجموعة ماكلارين، وهي واحدة من الفرق العاملة مع فورمولا وان. نحن شريك تكنولوجي مع ماكلارين، لأنهم مهتمون بأبحاثنا، وهم مهتمون بأبحاث احتراق الوقود لدينا. ومن الأبحاث الأخرى التي نعمل عليها هي واقيات الوجه، هو ليس القناع الجراحي أو القناع الصناعي، بل هو شيء تضعه في الخارج، أشبه بدرع بلاستيكي، وهو كبير بحيث يحيط بالوجه بالكامل، إنه مخصص في المقام الأول للكيان الطبيّ وللعاملين في الخطوط الأمامية، ويتطلب تصميم قطعة رأس لتثبيت الواقي في مكانه، ويمكنك استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد. ولدينا ورشة طباعة ثلاثيّة الأبعاد جيدة جداً، ونعمل أيضاً على ذلك مع مجموعة ماكلارين على واقيات الوجه وأجهزة التنفس، هذان مثالان ميكانيكيان أكثر، ولكنهما يستخدمان أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا. قد لا يكون هذا جاهزاً في هذه اللحظة، ولكن مرة أخرى قد تكون هناك بعض النماذج الأولية. نسيت أن أذكر، لدينا علماء رياضيات وإحصائيون يساعدون في وضع نماذج لانتشار الفيروس، علماء الرياضيات هؤلاء يستخدمون الإحصائيات على أجهزة الكمبيوتر للقيام بذلك. لسنا شركة أدوية! * سخرّتم مختلف نقاط قوتكم كاستخدام الذكاء الصناعي والبيانات الضخمة وصولاً إلى التقنيات الجزيئية في الأبحاث التي تكشف عن الفيروس، ما الذي ينقص كاوست لتتمكن من إيجاد علاج لجائحة كورونا؟ * إذا نظرت إلى المشروعات الجارية في جميع أنحاء العالم التي تحاول تطوير اللقاحات، ربما هناك ثلاثون أو أربعون مشروعاً، يدير القطاع الخاص معظمها، أنها شركات مواد صيدلانية أو شركات أدوية كبيرة أو شركات ناشئة، لأن التكاليف باهظة جداً، وتتطلب نوعاً من الخبرة التقنية، فالأمر لا يتعلق فقط بمعرفة العلوم، هناك الكثير من البروتوكولات، حيث يجب أن تتحقق من أن لديك مختبرات ذات أمان عال، أنت تتعامل مع فيروسات، ويجب أن تعرف الكثير عن اختبار المواد البشرية، كما تحتاج إلى موافقات هيئة الغذاء والدواء، وموافقات المركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها، لذا، فإن النظام البيئي هو الغرض الذي ترمي إليه شركات الأدوية وشركات إنتاج العقاقير. في الجامعات، يمكننا أن نلعب دوراً، لأن لدينا عادةً المواهب التي تمتلك المعرفة العلمية الأساسية، ويعمل طلبتنا في هذه الفرق، ويمكن لأعضاء هيئة التدريس أن يكونوا مستشارين لهم، لكن هيكلنا لم يتم إعداده مثل شركات الأدوية، لذا فقد كنا شديدي الحذر في إعلاننا عن أبحاثنا. إن الجامعات، بشكل عام، ليست المكان المناسب لإنتاج المنتجات الدوائية الكبيرة، لكن شركات الأدوية تحتاج إلى معرفة العلوم الأساسية، في كاوست على وجه الخصوص، ليس لدينا حتى كلية طب، وليس لدينا مستشفى، لكننا نعمل مع العديد من المستشفيات في المملكة. مساهمة وطنية * أشرتم للتعاون القائم الآن مع وزارة الصحة السعودية والمركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها (وقاية) وغيرها من الجهات والجامعات.. ما القيمة المضافة التي تقدمها كاوست لهذا التعاون؟ * نعمل منذ مدة عن كثب مع (وقاية)، في الواقع، نحن قريبون جداً من توقيع مذكرة تفاهم معهم حول المشروعات البحثية التي نقوم بها، نستعين بمركز وقاية بالوصول إلى بيانات ومعلومات مهمة في أعمالنا، على سبيل المثال، الكواشف نحن يمكننا إنتاجها، ويمكننا مساعدتهم عند إجراء الاختبارات، ولدينا كفاءة عالية في استخدام الاختبارات الحالية، ويمكننا إخبارهم عن البروتوكولات، ومساعدتهم على مراقبتها، كما نعلم أن مركز وقاية سيشكل لجنة وطنية لأبحاث فيروس كورونا، وقد وجّهوا الدعوة إلى كاوست، ولدينا أحد العلماء مرشح للانضمام للجنة. إذن، لدينا مشروعات بحثية، ومشروعات تطوير لأجهزة كيميائية وميكانيكية على حد سواء، ولدينا أشخاص يعملون مع هذه الجهات، ويعرفون ما سيحدث في المستقبل. في الأساس، الأمر الوحيد الذي نبحث عنه هو ما تحتاجه المملكة، من حيث وزارة الصحة والمركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها، من خلاله ستحدد ما يمكن أن تقدمه كاوست، وكيف يمكن لخبرة ومرافق كاوست أن تساعد، وكيف يمكن لكوادر كاوست المشاركة. مستقبل الجامعات * برأيكم ما الدروس التي علينا أن نأخذها من الوضع الحالي بالنسبة لجميع جامعات المملكة ومختبرات البحث العلمي بعد الانتهاء من جائحة covid-19؟ وما المخرجات التي يجب أن تُستخلص وتؤخذ بعين الاعتبار مستقبلاً؟ * هذا سؤال جيد للغاية. حسناً، سأقدم لكم وجهة نظري الشخصية. بالطبع، أحاول العمل مع زملائي في كاوست في هذا الصدد، دعني أبدأ باستخدام مثال، تعرفون السير إسحاق نيوتن؟ إنه أحد أعظم العلماء على مرّ العصور، أليس كذلك؟ عاش في عصر وباء الطاعون، وكان في حجر ذاتي عندما اضطر إلى العودة لقريته في الريف، وخلال ذلك الوقت حدث أن وقعت تفاحة على رأسه، وجاء بنظرية الجاذبية، وطوّر نظرية البصريات، كما طور حساب التفاضل والتكامل. حقّق كل هذه الإنجازات خلال وقت الوباء. إذن، أنا أستخدم هذا كمثال للعاملين في الأبحاث، في كل جامعات الأبحاث، ليس فقط في كاوست، ولكن في جميع أنحاء العالم، وبعبارة أخرى؛ نظراً للخبرة والتسهيلات، لديهم التزام بالارتقاء إلى مستوى أعلى عند حدوث مثل هذه الأزمات، أعتقد أن جميع الجامعات البحثية يقع عليها هذا الالتزام، ويمكن للجميع المساهمة بطريقة مختلفة، ويمكنك رؤية أشخاص لديهم بيانات جينوم، وأشخاص لديهم بيانات كيميائية. دعنا نقول بعد انتهاء هذه الأزمة، من يدري، آمل أن تنتهي عاجلاً وليس آجلاً، فماذا يمكن للجامعات أن تفعل. هذا سؤال عميق تماماً، على سبيل المثال، كيف يجب أن ننظم بحوثنا؟ هل ينبغي لنا، على سبيل المثال، أن ننظم شيئاً ربما لا يتعلق بكوفيد-19؟ هل يجب أن يكون لدينا شيء يجعلنا مستعدين لأوبئة المستقبل؟ الآن، علينا التفكير في المستقبل على الأمد الطويل، أن نستثمر بالمزيد من الناس، إذن، فهو أمرٌ مثير للاهتمام من الناحية الفكرية، ولكن من الواضح أنّ تأثيره كبير على المستوى الوطني والعالمي. أعتقد أن الجامعات، خاصة في مجال العلوم والتقنية، يجب أن تأخذ هذا الأمر في اعتبارها على جبهة البحث، على صعيد التعليم، حتى على الصعيد الإداري، هناك أمرٌ كبير، هو أننا نستخدم الآن العديد من الأشياء عن بعد، مثل هذه المقابلة تتم باستخدام تطبيق "زوم". وأقضي الآن كل يومي على "زوم". جميع مناهج طلبتنا هي الآن على الإنترنت. حتى بعد انتهاء الأزمة، هل يجب أن نتوقف ونعود إلى طريقة عملنا السابقة؟ هل نعود تماماً؟ هل نريد الاستمرار في استخدام "زوم"؟ أم نستخدم النظام الهجين الذي نتعلمه الآن؟ نحن الآن نتعلم.. نتعلم حسنات القيام بهذا الشيء عبر الإنترنت، ولكن هناك أشياء لا يمكنك أن تفعلها، أليس كذلك؟ فالواقع الافتراضي ليس واقعياً تماماً، الأمر مختلف، لذلك هذا شيء آخر علينا التفكير فيه في التعليم العالي، هناك الكثير من القضايا طويلة الأمد، ماذا يعني بالضبط أن نكون جامعة؟ باستخدام الطريقة التقليدية، ذات النظرة من البرج العاجي، يعني ذلك أن يكون لديك حرم جامعي، أساتذة كبار في السن، وطلبة شباب، يجتمعون معاً، ويتناولون الغداء والعشاء معاً.. أما الآن فسيجتمعون حول "زوم"، إنها طريقة جديدة للتفكير في موضوع الجامعة. في الأسبوع الماضي قدمنا ما نسمّيه "مقهى العلوم" وتحدثنا عن فيروس كورونا، قمنا ببثّه على الإنترنت، تم تسجيل دخول 1500 شخص من خارج الجامعة، في الوقت الحالي، عندما نفعل شيئاً باستخدام التقنية، يمكن للعالم بأسره الاستماع، وأن يستفيد، فكيف نستفيد من ذلك؟ أعتقد أنها مسألة مثيرة للاهتمام للغاية، أعني أننا نناقش الآن بشكل عام هذه الأشياء بالضبط، وأنا متأكد من أن الجامعات في جميع أنحاء العالم تتعامل مع الأمر نفسه، بطريقة ما، أعتقد أنها بالنسبة للمملكة، وبالتأكيد بالنسبة لكاوست، فرصة فريدة من نوعها، لأنك عندما تبدأ بأمر جديد، عندما تكون هناك تقنية ثورية، فإنها تضع الجميع عند نقطة البدء ذاته، ربما، إذا اتّبعنا الطريقة التقليدية، فإن كاوست حديثة نسبياً، وسيكون علينا دائماً اللحاق بالركب، أمّا عندما يحدث شيء من هذا القبيل، فإن الجميع سواسية إلى حد ما في الملعب، فنحن جميعاً على خط البداية ذاته، وقد يكون مفيداً كونك جديداً، لأنك لا تملك الكثير من الأعباء التاريخية، هذه بعض الأسئلة التي نحاول معالجتها مع كاوست. البروفيسور توني تشان متحدثاً ل «الرياض» عن بعد