بإمكان الإنسان أن يفكر تفكيرا إيجابيا في حال كانت الظروف عادية، لكن المهم أن يفكر ذات التفكير الإيجابي في الظروف الصعبة أو التحديات المزعجة، لأن الدعوة للتفكير في مثل هذه الأوقات عبادة يؤجر عليها المسلم، لأنها تربط الإنسان بخالقه ومنهجه، فيتعلق قلبه بحسن الظن بالله ورجائه، وكما قيل أفضل العبادة انتظار الفرج. إن التشاؤم جند من جنود إبليس يخوف بها ابن آدم، تارة بالمرض، تارة بالموت، تارة بالفقر، تارة بالفشل، تارة بالحوادث، تارة بتسلط الأعداء قال تعالى: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، بل إن التشاؤم يقف عثرة في طريق الإنسان أمام الأزمات، ويجعله عاجزا أمامها دون أي تجاوز أو انتصار، فيضخمها أمامه فيصبح صغيرا أمامها، من مخاطر التشاؤم أنه يتحول إلى طبع وسجية مع الأيام والسنين، ناهيك كونه يؤثر على عقيدة المسلم فيصرف ما هو لله تعالى لغير الله تعالى من الضر والنفع. في القرآن الكريم والسنة النبوية نصوص عديدة أشارت إلى أهمية التفاؤل ودعت إلى التحلي والتواصي به في أحلك الظروف والأحداث التي مرت على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن تلك المواقف هجرته - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة حينما لجأ إلى الغار، حيث قال لأبي بكر والكفَّار من حوله عند مدخل الغار: (لا تحزنْ إنَّ الله معنا، ما ظنُّك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما)، فقد جمع هذا الموقف بين الثقة والتفاؤل والتوكل والأخذ بالأسباب. وقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال النبي: (لا طِيَرة، وخيْرُها الفأْلُ)، قالوا: وما الفأْلُ يا رسول الله؟ قال: (الكلمة الصالحةُ يسمعها أحدُكم)، وفي رواية أخرى: «لا طِيَرة، ويعجبني الفأْلُ: الكلمة الحسنة الكلمة الطيبة»، وفي رواية: (وأحبُّ الفأْلَ الصالح)، وقال لسُرَاقة وهو يطاردُه في طريق الهجرة وسُرَاقة على الكفر لم يُسْلِمْ بَعْدُ: كيف بك يا سُرَاقة إذا لبست سِوارَي كِسرى؟»، وقد لبسها سراقة في عهد عمر - رضي الله تعالى عنه -. عندما قرأ الشيخ العلامة عبدالرحمن السعدي - رحمه الله - كتاب (دع القلق وابدأ الحياة.. للمؤلف ديل كارنيجي) عندما كان في بيروت للعلاج أشاد بالكتاب لكنه أكد أن معظم ما جاء في هذا المؤلف موجود في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقد دفعه ذلك إلى كتابة رسالة بعنوان: (الوسائل المفيدة للحياة السعيدة) ويكفي قول الله تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا).