تعد الأزمات ظاهرة ترافق سائر الأمم والشعوب في جميع مراحل النشوء والارتقاء والانحدار، وهذا الواقع فرض على الدول رفع الاهتمام بعلم «إدارة الأزمات» والذي يعنى بوضع خطط إستراتيجية بعيدة المدى، عبر القيام بإجراءات استباقية احترازية منظمة، تهدف لاستغلال كامل الطاقات والموارد التي تمتلكها الدول، بما يمكنهم من اتخاذ رد فعل منظم وفعّال خلال المواقف الطارئة، وذلك للحد من خسائرها وتأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية والنفسية. ولا يخفى على المتابعين لسير الأحداث العالمية بأن مصطلح «إدارة الأزمات» بات يعد من المصطلحات الأكثر استخداماً في عصرنا الحالي، نظراً لكثرة المتغيرات والتحديات التي وضعت صانع القرار تحت ضغوطات عالية في تحمل المسؤولية، واتخاذ قرار حاسم يمثل مؤشراً للنجاح أو الفشل، ويقول جيري سيكيتش في كتابه (كافة المخاطر) حول أهمية تخطيط إدارة الأزمات: «لا تختبر أي إدارة اختباراً جيداً إلا في مواقف الأزمات». وفي ظل جائحة وباء كورونا الذي يجتاح العالم بلا استثناء، والذي وضع حكومات العالم على المحك في إدارة الأزمات، وكشف الغطاء عن مدى جودة البنية التحتية للقطاعات الصحية والغذائية وغيرها، حيث شهدنا واقعاً مأساوياً لبعض الدول في ارتفاع معدلات الإصابة بالمرض، علاوة عن عدم قدرة الحكومات على توفير العديد من الخدمات الأساسية، ونحمد - الله عز وجل - أن المملكة كانت من الدول الأقل تأثراً من هذا المرض، وذلك بفضل – الله – ثم بفضل اتخاذ التدابير الحازمة على مختلف الصعد، الرامية إلى توفير أقصى درجات الحماية لسلامة المواطنين والمقيمين وكل القادمين إلى أراضي المملكة، للتصدي للفيروس، ومتابعة أي تداعيات اقتصادية واتخاذ ما يلزم من ترتيبات للتعامل معها. ولقد كان في استجابة وامتثال المواطنين والمقيمين إلى نداءات وزارة الصحة والجهات المعنية، عظيم الأثر في انحسار انتشار الوباء في المملكة، حيث تظهر الإحصائيات اليومية نجاح تقييم خطة التصدي للوباء، والتي تمت بسلاسة دون مشكلات في سير الحياة العامة، ولقدروة الدولة على تأمين توفير الخدمات والمتطلبات الرئيسة، على عكس ما حدث في بعض الدول النامية أو المتقدمة، من وقوع حالة من الذعر بين المتسوقين أو المستفيدين من الخدمات الطبية والعامة. حيث جاءت نتائج ثالث تقرير لمؤشر ثقة المستهلك العالمي في 2020 وعقب تفشي فيروس كورونا الجديد والذي يقيس معنويات المستهلكين في 24 سوقاً عالمياً لتترجم الدعم الذي حظي به الاقتصاد السعودي من قبل الحكومة والإجراءات الحاسمة التي اتخذتها لمواجهة تداعيات كورونا، حيث حلت السعودية وللمرة الأولى في صدارة المؤشر خلال مارس 2020 على حساب الصين التي تراجعت للمركز الثاني بعد نحو 35 شهراً من بقائها في المركز الأول، وتحديداً منذ استطلاع مايو 2017، وقد ظهر تفاؤل وثقة المستهلكين في السعودية وفقاً لثلاثة مؤشرات فرعية تم قياسها على المؤشر الرئيسي. ولتحليل هذا الواقع من منظور علم العلاقات العامة، فلا بد أن نعي مفهموم «الصورة الذهنية» لدى الجمهور، وهي التي تعرف على أنها مجموعة القناعات والتوقعات الإيجابية أو السلبية السائدة تجاه جهة ما، والتي تكونت بعد تجارب تراكمية من الإخفاقات والنجاحات على مدار الوقت، فهي بمثابة مؤشر قياس الرأي العام حول مدى (الثقة)، والتي تعد عنصراً رئيسياً في صناعة خطة التواصل خلال «إدارة الأزمة».