أثارت مخاوف انتشار فيروس "كوفيد - 19" العديد من القطاعات التجارية المتنوعة، وخيّم تأثير تلك المخاوف على بعض المعاملات التجارية وعقود الشغل والالتزامات المالية، حيث دفع عدد من المؤسسات التجارية للتفكير في فسخ بعض العقود أو التقليل والتعديل في بنودها. وفي هذا الاتجاه، أكد المستشار القانوني، محمد الحسيني أن فكرة "العقد شريعة المتعاقدين" تنبني على ثلاثة أسس: أولها قانوني قوامه مبدأ سلطان الإرادة، وثانيها أخلاقي يتمثل في احترام العهود والمواثيق، وثالثها ذو طابع اجتماعي واقتصادي يترجمه وجوب استقرار المعاملات، فالعقد هو "اتفاق إرادتين على إحداث أثر قانوني". غير أن هذه الالتزامات قد يعتريها ما قد يجعل من تنفيذها أمراً مستحيلاً أو على الأقل من الصعب تنفيذها أو تأخيرها ومن هنا نشأت نظرية القوة القاهرة والظروف الطارئة. وتفترض هذه النظرية أن عقدا ما قد أبرم في ظل الأحوال العادية، فإذا بالظروف الاقتصادية التي كانت أساسا يرتكز عليه توازن العقد وقت تكوينه قد تغيّرت بصورة لم تكن في الحسبان، فيؤدي هذا التغير في الظروف إلى أن يصبح تنفيذ العقد مستحيلا أو مرهقًا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، وهنا يتدخل القاضي في تعديل آثار العقد. وبالنظر لفيروس "كورونا" نجده يمثل قوه قاهرة في تنفيذ الالتزامات وهو ما جعل عددا من الدول تبادر خلال الأيام القليلة الماضية إلى تبني هذا الموقف ودعمه ومن الأمثلة على ذلك ما صدر عن هيئة تنمية التجارة الدولية الصينية من أنها ستمنح شهادات (القوة القاهرة) للشركات الدولية التي تكافح من أجل التأقلم مع تأثيرات عدوى فيروس "كورونا". من جهته، أشارت المحامية هيا خالد ربيع، يوجد ارتباط وثيق بين القانون وبين المتغيرات التي تحدث بالمجتمع، ومنها ما هو متصدر حاليا في جميع دول العالم وهو فيروس (كورونا)، والذي أحدث تأثيرات واضحة في عدة مجالات ومن ضمنها في مجال القانون وذلك من حيث العقود ومن أبرز هذه العقود هي العقود التجارية التي تحدث بين الشركات بين بعضها أو بين الشركات وبين الدول مثل التصدير والاستيراد. وبالتالي فإن الفترة التي يحدث فيها وباء مثل الذي يحدث حاليا في العالم فإن العقود التجارية والمعاملات التجارية تتأثر من حيث مبدأ الاستقرارية، الذي ينبغي أن يكون متواجدا في جميع المعاملات التجارية، فجميع العقود والمعاملات التي حدثت بين الشركات أو بين الدول قد تأثرت بشكل كبير وذلك من خلال خسارة كبيره في المال وأيضا في الوقت، وأيضا تأخّر في تنفيذ الأعمال التجارية وهذا يمثل خرقا واضحا في مبدأ الاستقرار في التعاملات التجارية، ونتيجة ذلك ترتّب عليها منع الاستيراد والتصدير لمنتجات في بعض الدول، مثل الذي يحدث حاليا في شركة أبل التي أغلقت جميع متاجرها خارج الصين فإن مثل هذا التصرف أدى إلى خسارة كبيرة بالمال لهذه الشركة كما أنه يؤثر على اقتصاد الدولة، خاصة إذا كانت شركة معروفة عالميا وقد يعتمد دخل الدولة عليها، كما أن المملكة لها دور في اتخاذ الإجراءات الوقائية وهذا يندرج تحت مبدأ الظروف الاستثنائية الذي جاء في النظام الأساسي للحكم، وذلك لحماية المجتمع ومصالحه. وقد أعلنت وزارة التجارة والاستثمار، أن عدد السجلات التجارية المصدرة للشركات والمؤسسات خلال العام الماضي 2019، بلغت نحو 244032 سجلا تجاريا، وأشارت إلى أن عدد السجلات التجارية القائمة للشركات يبلغ 169.045 حتى نهاية 2019، فيما بلغ عدد السجلات التجارية القائمة للمؤسسات 1.044.296 حتى نهاية العام نفسه، فيما بلغ عدد السجلات القائمة الصادرة للشركات والمؤسسات بنهاية العام الماضي، 1213341 سجلا.