الأزمة في أبسط صورها هي الشدة التي يتعرض لها الفرد والمنظمة والدولة على حد سواء، وليست الأزمات بحد ذاتها شراً في كل جوانبها، فالمهم هو حسن التعامل معها وإدارتها وكيفية النظر إليها. شرحت الكاتبة بالشأن الاجتماعي فاطمة إبراهيم السلمان، بأن المكوث في المنازل والابتعاد عن التجمعات ومحاولة عدم الخروج إلا في الضرورة بسبب وباء "الكورونا"، وذلك تماشياً مع تعليمات دولتنا المحبة، جاء معه الكثير من الآلفة في البيوت، شارحة ذلك بقولها: "تلك الأسرة التي اجتمعت بعد طول غياب، قد لا يكون هذا الغياب بعدًا حقيقيًا، لكنه بعد بالأرواح والمشاعر، أسرة مكونة من عدد من الأفراد يجمعهم بيت واحد، ولا يرى بعضهم بعضاً لعدة أسباب، منها: العمل واختلاف أوقات الدوام، والانشغال بالتقنية، وسيطرتها على معظم أوقاتهم، والصداقات المختلفة، والتي يقدسها بعضهم في مراحل المراهقة وغيرها. وتابعت: أمور كثيرة أبعدت تلك الأُسر وأنشأت بينهم بعض الحواجز، واليوم عادت الحياة من جديد ولكن بطريقة مختلفة وكأنها تشير لتلك الأسر بإعادة الحسابات من جديد، إنها حسابات الأدوار المتبادلة، وإعطاء الحقوق والواجبات، هذه الفترة ووجود الأسر في منازلهم والتزامهم بذلك لتقليل انتشار العدوى من فيروس كورونا، أعادت الحياة لبعض الأسر التي كانت تعاني في السابق من التفكك الأسري، وغياب بعض الأبناء أو الآباء، إنها فرصة عظيمة فيما يتعلق بعودة الأصل، أصل الأسرة ومعرفة دور الوالدين وتفقد أحوال من استرعاهم الله عليهم من الأبناء. وأضافت السلمان: فأيها الآباء -خاصة المقصرين-: هذه الفرصة منحة رغم ما قد تظهره من الوجل، لكن المؤمن الحصيف يراها منحة للعودة إلى الأصل؛ تداركوا تقصيركم وبعدكم عن البيت والأبناء والأسرة، وأعيدوا ترميم ما أوشك على التهالك، فتشوا في جنبات البيت والأسرة، رمموا ما تستطيعون، وانشروا الحب والفأل، واغرسوا بذورًا جديدة من القيم و المبادئ لموسم جديد. وحول ما يعيشه العالم اليوم، علق أستاذ الإعلام السياسي د. عبدالله بن عبدالمحسن العساف:"لقد تعددت مفاهيم الأزمة في مختلف الثقافات، لكن برع الصينيون إلى حد كبير في صياغة مصطلح الأزمة (C D)، إذ ينطقونه (Ji-Wet)، وهي عبارة عن كلمتين: الأولى تدل على (الخطر)، والأخرى تدل على (الفرصة) التي يمكن استثمارها، وتكمن البراعة هنا في تصور إمكانية تحويل الأزمة وما تحمله من مخاطر إلى فرصة لإطلاق القدرات الإبداعية التي تستثمر الأزمة كفرصة لإعادة صياغة الظروف وإيجاد الحلول السديدة. وأضاف: رغم أن الصين كانت أول دولة تتعرض لوباء كورونا، إلا أن السعودية كانت السباقة في الاستعداد لهذه الأزمة والتعامل معها بكل حزم وشفافية، ومن هذه الإجراءات تعليق الدراسة، الذي أتاح للجهات التعليمية والعاملين فيها في التعليم العالي فرصة البحث عن برامج متعددة كانت بين أيدينا ولم يعلم بها البعض، ولكن الآن تم التعامل معها والبحث عن الأفضل وبعضها كان مدفوع القيمة، وأيضاً البحث عن سبل تقييم الطلاب عن بعد وهو ما أتاح للمعلم والمتعلم خوض تجربة جديدة في التعليم تستحق الحديث عنها وتقييمها ومعرفة جوانب القوة وتعزيزها وجوانب الضعف وعلاجها، وتبادل التجارب مع الجامعات المحلية والعالمية للاستفادة منها بعد انتهاء هذا الوباء العالمي. وتابع د. العساف: التعليم عن بعد لها الكثير من الفوائد المتعددة والمتعدية، فمن خلال تجربتي البسيطة جداً وسؤال الزملاء والطلاب كان الجواب الغالب تقدير هذه التجربة، والرغبة في تعميمها والاستفادة منها، خصوصاً في بعض المقررات النظرية التي سوف توفر الوقت والجهد وتخفف من زحام الطريق وضغط المواقف، والاستفادة من القاعات الدراسية لمقررات أخرى تطبيقية، وهذا لن يتحقق إلا بتعاون تام بين شركات الاتصالات ووزارة التعليم وهيئة الاتصالات، وتقييم هذه التجربة من كافة جوانبها. واختتم أستاذ الإعلام السياسي حديثة بالقول: أليست الأزمة نعمة عندما يحسن التعامل معها كما فعلت القيادة السعودية لموجهة وباء كورونا العالمي؟.