كان من الممكن أن يتوّج ليفربول، منذ اليوم، بلقبه الأول في الدوري الإنجليزي بعد 30 سنة من الانتظار، لكن عوضاً عن ذلك أصبح «الحمر» أمام مصير غامض يقضّ مضجعهم ويهدد حلمهم، بعد قرار تعليق الموسم على خلفية فيروس «كورونا» المستجد. وكان فريق المدرب الألماني، يورغن كلوب، بحاجة إلى خسارة ملاحقه مانشستر سيتي أمام مضيفه بيرنلي، أول من أمس، لكي يصبح مصيره بين يديه حين يتواجه مع جاره اللدود إيفرتون، اليوم، على ملعب «غوديسون بارك». إن تتويج ليفربول كان شبه محسوم وإجراء شكلياً إلى حد كبير، في ظل الفارق الشاسع الذي يفصله عن سيتي، لكن الحلم أصبح معلقاً الآن بعد قرار إيقاف الدوري بسبب فيروس «كوفيد-19»، الذي أحدث فوضى عارمة في الروزنامات الرياضية حول العالم. ويعيش جمهور «الحمر» انتظاراً قاتلاً قد يودي بالحلم الذي طال انتظاره، في حال تحول قرار التعليق إلى إلغاء ما تبقى من الموسم، لأن ذلك يطرح تساؤلات كثيرة حول كيفية تحديد البطل، ومن الفرق التي ستشارك في المسابقتين القاريتين في الموسم المقبل. بالنسبة لليفربول، فإن الرسالة المقبلة من «أنفيلد» واضحة: «لا شيء أهم من سلامة الناس»، بحسب ما شدد كلوب في مؤتمر صحافي، الجمعة الماضية، جاء فيه: «قلت من قبل إن كرة القدم تبدو دائماً أهم الأشياء الأقل أهمية، اليوم كرة القدم ومباريات كرة القدم ليست مهمة على الإطلاق». وتابع «إذا كان (مطروحاً) الاختيار بين كرة القدم وخير المجتمع الأوسع، فلن تكون هناك منافسة، أليس كذلك؟». وحظي موقف كلوب بدعم رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الذي شكره على «رسالته القوية». ويتفق مشجعو ليفربول، على الرغم من رغبتهم الجامحة في العودة إلى قمة الكرة الإنجليزية، مع مدربهم الألماني، مؤكدين بأن الوباء يطغى على كرة القدم بحسب ما صدر عن مجموعة «يونيون سبيريت أوف شانكلي»، وهي اتحاد غير رسمي لمشجعي ليفربول، سُمي على اسم المدرب السابق للفريق بيل شانكلي. وقالت هذه المجموعة، في بيان، إنه: «في المحادثات مع نادي ليفربول إف سي، طلبنا تأكيدات بأن الموظفين غير اللاعبين لن يخسروا رواتبهم نتيجة إلغاء دواماتهم، نحتاج أيضاً أن نأخذ في الاعتبار أولئك الأكثر ضعفاً، إلغاء مباريات كرة القدم يعني أنهم سيتضررون كثيراً». وعانى ليفربول في الآونة الأخيرة من النتائج السيئة، حيث خرج من ثمن نهائي دوري الأبطال، وتنازل عن اللقب بخسارته ذهاباً وإياباً أمام أتلتيكو مدريد الإسباني، كما خرج من مسابقة الكأس المحلية على يد تشلسي. لكن «الحمر» يغردون وحيدين في الدوري الممتاز، ما جعلهم على بعد 25 نقطة من ملاحقهم مانشستر سيتي، بطل الموسمين الماضيين وثاني الترتيب الحالي. وبوجود البرازيلي، أليسون بيكر، بين الخشبات الثلاث، ومن أمامه قلب الدفاع الهولندي، فيرجيل فان دايك، وصولاً إلى ثلاثي الهجوم الضارب، المتمثل في المصري محمد صلاح، والسنغالي ساديو مانيه، والبرازيلي روبرتو فيرمينو، فرض رجال كلوب هيمنتهم المطلقة على مجريات البريميرليغ هذا الموسم. ورأى الصحافي في صحيفة «دايلي تلغراف»، بول هايوارد، أنه يجب تتويج ليفربول باللقب للمرة ال19 في تاريخه، والأولى منذ انطلاق الدوري الممتاز موسم 1992-1993، حتى لو اتخذ القرار بعدم إكمال الدوري. وكتب هايوارد: «إذا انتهى الموسم قبل أوانه، فمن الطبيعي أن يحسم التتويج بحسب النقطة التي وصل إليها قبل التوقف: 29 مباراة من أصل 38 (مرحلة)، وهي مسافة محترمة»، مشدداً على أن «إبطال موسم 2019-2020 سيكون هراء». ورأى أن «تسليم الكأس استناداً إلى موقع الفرق، في الوقت الذي اتخذ فيه قرار الإيقاف، سيكون القرار الصحيح أخلاقياً». ولم يكن موقف المدير التنفيذي لبرايتون، بول باربر، مختلفاً عن هايوارد، إذ رأى أنه في حال جُمّد الموسم، فسيكون ذلك غير عادل بحق ليفربول، مضيفاً لهيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي» أن «كل من في اللعبة يقدرون الموسم الرائع الذي خاضه (ليفربول)، الفريق الرائع الذي يملكه، لكن سيكون من الظلم بالمثل أن يتم تهبيط الفرق (إلى الدرجة الأولى) على الرغم من بقاء ثماني أو تسع أو 10 مباريات لخوضها في الدوري الإنجليزي الممتاز». لكن نائبة رئيس وست هام يونايتد، كارين برايدي، رأت أنه إذا تعذّر استكمال الدوري، فإن الحل العادل الوحيد أن يعلنوا الموسم «ملغى وباطلاً». وتساءلت برايدي، التي يحتل فريقها المركز ال16 بفارق الأهداف عن منطقة الهبوط، في مقالة لها في صحيفة «صن»: «من يعلم من كان سيهبط أو سيصعد إذا لم يتم خوض المباريات بالكامل؟ إنها ضربة قوية لليفربول، الذي يواجه احتمال حرمانه من لقبه الأول منذ 30 عاماً». لا أحد يعلم متى سيعود اللاعبون إلى الملاعب، لكن عندما يتحقق ذلك يأمل الكثيرون أن يُمنح ليفربول فرصة لإكمال رحلته الطويلة نحو القمة.