ساهمت التجارب العالمية الرائدة في نضج منهجية ونظم تقسيم المدن وتسمية وترقيم الأحياء والشوارع والميادين وذلك لبناء تركيبة العنوان البسيطة والمرنة والمتلائمة مع ثقافة وتراث المجتمع والنمط البيئي والجغرافي والاجتماعي والاقتصادي للمدينة، والتي تسهل على المجتمع التعامل مع تلك العناوين في جميع تعاملاتها الرسمية والتجارية والتعليمية والمجتمعية وبما يحقق سهولة استحضارها وحفظها والتواصل المرن بين أفراد المجتمع. ولا شك بأن نجاح عملية التسمية والترقيم مرتبطة بشكل تلك العناوين وما تحققه من بساطة وسهولة وفعالية في الكتابة والتذكر ولكي تستفيد منه بفاعلية جهات حكومية وأهلية ومرافق عديدة ومصالح معظمها ترتبط مع مصالح السكان الذين تقدم لهم تلك الجهات خدمات وتواصلاً مستمراً عبر تلك المسميات والعناوين. ومع تطور نظم المعلومات الجغرافي وثورة إنترنت الأشياء وبناء المحتوى المعلوماتي للمدينة جعل العنوان بما يحتويه من مسميات وأرقام أكثر أهمية حيث يمثل الوعاء الذي يحتوي ملايين المعلومات والأحداث بعد فترة من الزمن وسيكون مهماً ومؤثراً في برامج ومحركات البحث الإلكتروني في السحب المعلوماتية، والذي سيتيح للدولة بجميع أجهزتها السيادية والخدمية وجميع مكونات المجتمع الأهلية في بناء وتسجيل سجل معلومات ضخم يزداد مع الزمن وتزداد أهميته وقيمته الاقتصادية والثقافية وفاعليته ويجعل من موضوع التسمية والترقيم للشوارع والميادين قاعدة استراتيجية وحجر أساس يبنى عليها سجلات المستقبل لمدينة بريدة. وفي هذا الأمر أجدها فرصة وأبعث برسالة لمقام سمو أمير منطقة القصيم الذي يشغل باله هم التنمية والتطوير للمنطقة راجياً أن يؤخذ موضوع التسمية والترقيم مأخذاً ذا بعد مستقبلي استراتيجي ويتم التعامل معه بعملية وينظر إليه من جانب تخطيطي مستقبلي يهم جميع قطاعات الدولة، كما أرجو من أمانة منطقة القصيم المسؤولة عن التسمية والترقيم بأن تضع ذلك في حساباتها وتدرس عملية التسمية على أسس علمية عملية وذلك برسم خطة على أسس علمية واستراتيجية تستجيب لمتطلبات الحاضر والمستقبل وعليها التنسيق مع الجهات الأخرى ذات العلاقة لإطلاعها على مبادئ وأسس وأساليب نظام التسمية والترقيم مستخدمة في ذلك الوسائل التي تفهمها هذه الجهات ومنها نظم المعلومات والخرائط التي توضح مناطق وأحياء المدينة وأسماء الشوارع وأرقام المباني ومن الضروري الأخذ في الحسبان المقترحات البناءة التي تقدمها هذه الجهات حسب حاجتها. ومن أهم الجهات التي يجب التنسيق معها وعمل ورش عمل قبل تطبيق النظام الجديد للتسمية والترقيم هي الهيئات المهتمة بتقنية المعلومات وبناء المحتوى المعرفي للمدن وكذلك الجهات المستفيدة مثل الدفاع المدني والهلال الأحمر والمرور والشرطة والعنوان الوطني والمحاكم والبريد والهاتف، والكهرباء، والمياه، والإسكان، والمركز الحضري والجمعيات العاملة في الشؤون الاجتماعية، وأخيراً السجل العقاري وإدارة الأنظمة الجغرافية. وذلك للخروج بنظام يستجيب لمتطلبات نظم المعلومات المتطور ويحقق القبول والمرونة وسهولة تقديم تلك الخدمات والأعمال التي تعتمد على التواصل. * استشاري هندسي