قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالمحسن القاسم في خطبة الجمعة: أبواب الخير كثيرة ومن ملك لسانه فقد ملك ذلك كله، قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: «ألا أخبرك بملاك ذلك كله، قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال: كف عليك هذا، قلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به، قال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو قال: على مناخرهم إلاّ حصائد ألسنتهم». وأضاف: المرء بأصغريه قلبه ولسانه، وعلى صلاحهما أو فسادهما يكون صلاح العبد أو فساده، ولا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، والقلوب كالقدور تغلي بما فيها، وألسنتها مغاريفها، وإذا تكلم المرء فإن لسانه يغرف لك مما في قلبه، فأبطن خيراً يخرج لسانك خيراً. وقال: أمر الله سبحانه وتعالى عباده بالقول السديد فقال: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً)، كما أمرهم أن يقولوا أطيب الكلام وأحسنه، ومن واجبات الإيمان حفظ اللسان إلاّ من الخير، وامتدح الله عباده المؤمنين بالإعراض عن اللغو، والمسلم من حفظ لسانه وبحفظه تتفاضل منازل العباد، والجنة جزاء من حفظ لسانه. وأضاف: اللسان خطره عظيم في الدنيا والآخرة فكم أفسدت الكلمة على أقوام حياتهم، قال ابن مسعود رضي الله عنه: «ليس شيء أحوج إلى طول سجن من لسان»، وقد يهلك اللسان صاحبه حتى يلقى الله سبحانه وتعالى مفلساً، وأعظم آفات اللسان دعاء غير الله وجعل ند له سبحانه، قال صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار». وأشار إلى أن الاستعاذة بغير الله لا تزيد صاحبها إلاّ خوفاً وضعفاً، ومن الشرك الحلف بغير الله، وله سبحانه الكمال المطلق، ومن تسمى بأسماء مختصة بالله أذله الله، قال صلى الله عليه وسلم: «إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك، لا مالك إلاّ الله»، ومن أساء الظن بالله وقنط الخلق من رحمته فقد تعرض لوعيد الله، ومن أمور الجاهلية الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب، وكما حرم الإسلام سب الأحياء حرم أيضاً سب الأموات، بل نهى الإسلام عن سب الريح والحمى والدواب، والمسلم يبتغي بنفقته وجه الله والمن بالصدقة يبطلها.