لم تكن بريطانيا الأولى ولن تكون بريطانيا الأخيرة التي تُعلن أنها ستمنع بيع سيارات البنزين الجديدة بحلول العام 2035 (بعد 15 سنة). لكن بريطانيا الآن تحت المجهر لأنها أعلنت فجأة تقديم تاريخ الحظر إلى العام 2035. بينما كان موعده الذي أعلنت عنه سابقاً - اقتداء بفرنسا - العام 2040. الدافع الى إعلان بريطانيا تقديمها موعد حظر بيع سيارة البنزين خمس سنوات عن موعده السابق هو للتعبير عن حُسن نياتها تجاه مؤتمر المناخ (COP-26) الذي سيتم عقده في بريطانيا من 9 الى 19 نوفمبر 2020 بضيافة ورئاسة الحكومة البريطانية. حيث ستكون بريطانيا حريصة على أن يكون نجاحه ليس أقل من نجاح مؤتمر المناخ (COP-21) الذي تم عقده في باريس من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2015 ونتج عنه اتفاقية باريس للمناخ. بوريس جونسون - لا سيما بعد بريكست - يريد أن يُقدم للعالم صورة جميلة بأنه حريص أن تلعب بريطانيا دوراً قيادياً لإنقاذ كوكب الأرض من كارثة الاحتباس الحراري (قضية العالم الأولى في وقتنا الحالي). وأن بريطانيا جادة في المُضيْ قُدماً إلى تحقيق وعودها لأنصار المناخ بأن تصل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في بريطانيا إلى الصفر بحلول العام 2050. كذلك يوجد دافع شخصي لبوريس جونسون ليبدي تأييده لاتفاقية المناخ وهو إعادة الثقة إلى سُمعته. بعد أن اتهمته Claire O'Neill (رئيسة مؤتمر المناخ) بأن بوريس جونسون اعترف لها أنه لا يفهم قضية المناخ ولا يؤيدها. فعزلها من منصبها وأعلن عن تقديم حظر ليس فقط سيارة البنزين والديزل بل أيضا حظر سيارة الهجين (hybrid) التي تعمل جُزئياً بالكهرباء الى جانب البنزين. في حقيقة الأمر الحملة البريطانية لصالح اتفاقية المناخ هي جزء من تسابق الحكومات الأوروبية للحصول على رضا وتأييد جماعات أنصار المناخ. الذين أصبحت لهم سطوة قوية في جميع القطاعات على مختلف المستويات في أنحاء العالم وتأثيرهم السياسي القوي على الانتخابات. السؤال الجوهر: هل تستطيع بريطانيا الوفاء بوعدها بحظر مبيعات سيارة البنزين الجديدة بحلول العام 2035؟ لقد لاقى القرار مُعارضة شديدة من منظمات صناعة السيارات. ويقولون إن بريطانيا ليست جاهزة (unprepared) للانتقال إلى السيارة الكهربائية بحلول العام 2035. والجدير بالذكر يوجد نقطة مهمة تجاهلها الإعلام وهي أن القرار البريطاني بتقديم حظر بيع سيارات البنزين والديزل والهجينة إلى العام 2035 ليس نهائي. بل سيخضع للتشاور (consultation). لا سيما أن ضريبة البترول حوالي 28.6 مليار استرليني تتجاوز 3.5 % من إجمالي إيرادات الميزانية. التنافس الدائر الآن بين باريسولندن على استضافة مؤتمرات اتفاقية المناخ والالتزام بخفض انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول العام 2050. تُعيد للأذهان الحكاية الشهيرة: قصة مدينتين (لندنوباريس) للروائي تشارلز ديكنز.