تعد ثقافة التطوع إحدى صور التكافل الاجتماعي التي يحث عليها ديننا الإسلامي الكريم وأحد أهم أوجه التلاحم التي يتمتع بها مجتمعنا العربي الأصيل ويعكس أزهى المبادئ والقيم التي تنفرد بها هويتنا الوطنية؛ ويكتسب العمل التطوعي أهميته في تعزيز المقومات الوطنية للتنمية المستدامة ببناء مستقبل حافل من الإحساس بالمشاركة في المسؤولية المجتمعية باعتباره موردا حيويا مساهما في تنفيذ الكثير من البرامج والمبادرات عبر الاستفادة مما لدى المنتسبين له من مؤهلات وإمكانيات ومهارات وقدرات في تيسير تنفيذ العديد من المشروعات الوطنية التي تحدث أثرا وقيمة إيجابية اجتماعية وإنسانية محليا وعالميا. لم تغفل رؤية الوطن 2030 الاهتمام بتعظيم العمل التطوعي باعتباره يعكس الإحساس بالمسؤولية تجاه المحيط الاجتماعي ويعبر عن معاني إنسانية المجتمع، ولهذا تستهدف الرؤية رفع نسبة عدد المتطوعين من (11,000) متطوع حاليًا، إلى مليون متطوع بنهاية العام 2030؛ ومؤخرا وبحسب ما نشر في الصحف المحلية، حققت وزارة العمل نتائج مشجعة بشأن العمل التطوعي ضمن مستهدفات برنامج التحول الوطني، حيث تجاوز عدد المستهدفين ما كان مخططا له من الوصول إلى (120.000) متطوع، بالوصول إلى (192.448) متطوعا فعليا؛ كما أظهرت النتائج أن عدد الفرص التطوعية استهدف (48.125) فرصة، في حين تجاوزت الفرص المحققة (300.837) فرصة، منها (67 %) في مجال التطوع العام، و(21 %) في مجال تطوع المهارات، و(12 %) في مجال التطوع الاحترافي، وبلغ إجمالي عدد الساعات التطوعية ما يزيد على (18,5) مليون ساعة تطوعية محققة. ورغبة في التأسيس المؤسساتي للعمل التطوعي والرفع من جهود تطوير منهجياته وأساليبه، صدر في الأيام القريبة الماضية الأمر الملكي الكريم رقم (70) وتاريخ 27 /5 /1441ه بالموافقة على «نظام العمل التطوعي» والذي جاء ليعكس اهتمام الدولة بالدور الذي يؤديه العمل التطوعي وتعزيز مقوماته لدى كافة أفراد المجتمع ومؤسساته؛ ويهدف النظام إلى نشر ثقافة العمل التطوعي بين كافة مكونات المجتمع، وتنظيم العلاقة التي تحكم أطراف العمل التطوعي فيما يتعلق بالحقوق والواجبات، وتعزيز قيم الانتماء الوطني والعمل الإنساني والمسؤولية الاجتماعية لدى كافة مكونات المجتمع؛ وقد نص النظام على إنشاء لجنة تسمى «اللجنة الوطنية للعمل التطوعي» برئاسة وزير العمل والتنمية الاجتماعية وعضوية عدد من الجهات ذات العلاقة بمنظومة العمل التطوعي لتتولى وضع استراتيجيات العمل التطوعي وحوكمة أعماله وتنسيق جهوده ورصد إنجازاته وتوثيق خطواته؛ وقد تميز النظام بالنص صراحة على منع منشآت القطاع الخاص من الاستفادة من جهود المتطوعين في حال وجود عائد ربحي لهذه المنشآت كي لا يتم استغلال جهود المتطوعين المجانية لتعظيم الأرباح الخاصة.