يعاني بعض الآباء من تصرفات بعض أبنائه، خصوصاً عندما يُلاحظ على ابنه الإهمال في حل الواجبات، أو المذاكرة في الاختبارات، على الرغم أن ابنه لا يُعاني على الصعيد النفسي أو البدني من أي شيء، فعندما يأمره والده بمهمة معينة لا يتردد الابن في الاستجابة، بل ربما اعتمد الأب على ابنه في شؤون المنزل أثناء غيابه في حال كان مسافراً أو مشغولاً بالعمل، إلاّ أن المشكلة الرئيسة لدى هذا الأب أن ابنه لا يُلقي بالاً لكل ما يتعلق بالمدرسة، فيسأله مثلاً: «ذاكرت ياولدي؟»، فتكون الإجابة: «شوي، شوي بذاكر»، وبعد لحظات تجد الابن مُنشغلاً بجهاز الجوال، أو «البلايستشن»، ليبرز السؤال: كيف نتعامل مع مثل هؤلاء الأبناء؟. دعم الأنشطة في البداية أكد د.سعد بن عبدالرحمن الناجم -أستاذ مشارك في الإدارة التربوية والإعلام- على أنه ليس هناك طفل غبي في المفهوم العلمي حتى لو كانت درجة الاستعدادات العقلية منخفضة جدًا عنده، أما استخدامنا للفظ غبي فأصبح سهلًا من دون علم الأبناء بحاجة إلى اكتشاف قدراتهم الحقيقية بشيء من الموضوعية والاختبارات المقننة عالميًا، وهناك فرق بين التقدم في التحصيل المدرسي والقدرات المناسبة لكل فرد والظروف المدرسية المهيأة من جميع الأشياء، مضيفاً ما يتعلق بإهمال الواجبات فالسؤال المهم هل الواجبات المدرسية تعزز المعرفة أم هي صورية مثلها مثل بعض الأنشطة العشوائية والمنتشرة اليوم بين طلبتنا لمجرد اسم نشاط أو تسلية؟، فأحيانًا تفقد قيمتها مع تكرارها، وهنا يفترض أن تكون في المدرسة لا في البيوت، مُشدداً على أهمية أن يخفف المنهج النظري ويدعم بأنشطة عملية تساعد الطالب وتحفزه على أدائها وحبها، وهنا نعود إلى طبيعة المنهج وابتكار المعلم للواجبات المرتبطة بالطالب اجتماعيًا لا منفصلة عنه كما هو الموجود الآن بدعوى علمية الأشياء، مشيراً إلى أن تصنيع المعرفة تحتاج معلماً مبدعاً ليخرج طالبًا مبدعًا وليس صوريًا متكررًا. توبيخ مُحبط وأوضحت د.هويدا الدر -أستاذ مساعد بقسم الاتصال والإعلام جامعة الملك فيصل- أنه مع بداية كل عام دراسي تتفاقم لدى معظم الأسر العربية العديد من المشكلات الخاصة بالأبناء في مجال التحصيل الدراسي، وإنجاز الواجبات المدرسية، حتى أصبحت تشكل ثقافة شائعة في المجتمع، ومن أهم هذه المشكلات هي إهمال التلاميذ لأداء واجباتهم المدرسية على الرغم من امتلاكهم القدرات والمهارات وارتفاع معدلات التحصيل والذكاء لديهم، بيد أنه تتعدد الأسباب المؤدية لظاهرة إهمال التلاميذ للواجبات المدرسية والتي تتمثل في عدم فهم الآباء والأمهات للسمات العقلية والنفسية للطفل، وعدم توظيف قدراته العقلية في المجالات العلمية المحببة إليه، بالإضافة إلى أسلوب معاملة الوالدين للتلميذ المهمل مثل استخدام أساليب العقاب البدني أو كلمات التوبيخ المُحبطة والتي تدفعه إلى الإنسياق في دائرة الإهمال وعدم تحمل المسؤولية، مضيفةً أنه لا يجب تجاهل دور البيئة المدرسية وأسلوب المعلم داخل القاعة الدراسية، بالإضافة إلى نوعية الواجبات المدرسية الروتينية التي قد لا تحقق أي إبداع أو جاذبية للتلميذ، مبينةً أنه لمعالجة هذه الظاهرة لا بد من تضافر الجهود بين الأسرة والمدرسة، حيث يجب على الآباء والأمهات فهم السمات العقلية للتلميذ وتوظيف قدراته الخاصة وصقلها في المجالات المحببة له من دون استخدام العنف والإجبار على أداء الواجبات المدرسية، حيث إن فهم السمات الخاصة بمراحل النمو تساهم في وضع إستراتيجيات سليمة وغرس الإحساس بالمسؤولية من خلال التحفيز والتشجيع والحوار المستمر حتى لو كان الأداء منخفضاً في بداية معالجة المشكلة. وأشارت إلى أهمية توفير بيئة أسرية مستقرة خالية من المشكلات التي تعوق تقدم التلميذ وأمنه وإستقراره، وتنظيم الوقت والبعد عن أجهزة الجوالات والأجهزة المحمولة وقت أداء الواجبات المدرسية، كذلك يأتي دور المدرسة والمؤسسات التربوية من خلال تكثيف الأنشطة العملية والمتابعة المستمرة لمواهب التلميذ وقدراته وتغيير أنماط الواجبات المدرسية لجعلها أكثر تشويقًا. حالة اجتماعية وقال د.عبدالعزيز الدقيل -وكيل كلية التصاميم والفنون التطبيقية بجامعة الطائف-: على أن كثيرًا من الطلاب متميزون بالفعل وعند معاتبته يشير إلى إهماله، وبمجرد تغيير سلوك الإهمال نجد تفوقاً دراسيًا، مضيفاً: «أعتقد أن أهم طرق التعامل إقناع الابن بمستقبله وأن الإهمال نهايته الفشل والإخفاق مما يؤثّر على تحصيلهم العلمي ويسبب لهم مستقبلاً وظيفياً متدنياً، كذلك يجب متابعته أولاً بأول وتشجيع الابن ووضع المحفزات عند الاجتهاد والتفوق، ويمكن أن نستخدم لوحة التعزيز للأبناء الصغار والتي تنتهي بمكافأة بعد الإنجاز، وبمجمل القول يجب الابتعاد عن التعنيف والقسوة لمعالجة هذه المشكلة». وتحدث إبراهيم الفضولي -أخصائي نفسي- قائلاً: أولاً دعونا نعرّف الإهمال ما هو؟، حيث يعرف الإهمال بأنه الفشل المستمر في تلبية احتياجات الطالب الأساسية سواء كانت مادية أو نفسية أو كليهما، وقد عرفه آخرون وقالوا هو عدم وجود شخص مسؤول عن رعاية الطالب لتسهيل وتلبية الاحتياجات العامة، وحقيقة مشكلة الإهمال الدراسي تعد من أكبر المشاكل ولها أسباب كثيرة منها واضحة والأخرى غامضة، ولها أيضاً حلول ولكنها بطيئة، ومن مسببات الإهمال يعود للحالة الاجتماعية بين الأسرة بمعنى هل الأسرة متماسكة أو هشة ولينة؟، وإن كانت هشة ولينة فإن أول الأسباب في إهمال الطالب هو الحالة الاجتماعية، أمّا إذا كانت متماسكة فمن الواضح أن هناك أسباباً أخرى للإهمال الدراسي ومنها الفراغ وعدم تعاون الطالب مع المدرسة والمُعلمين، والإدمان على الإنترنت أو الزيارات الخارجية، والصحبة السيئة والفاسدة وهذه تعد من أهم الأسباب. عدم تفهم الوالدين وأوضح الفضولي أنه تولد الكراهية للدراسة بسبب عدم تفهم الوالدين للطالب، وأيضاً تولد من قبل المدرسة والمدرسين والزملاء، كذلك من المستوى الاقتصادي، حيث إن الضيق الاقتصادي يترك أثرًا سلبيًا لدى الطالب، وذلك بالشعور بعدم الطمأنينة والشعور بالحرمان والشعور بالضعف أمام الآخرين، إضافةً إلى أنه من الأسباب الإفراط والتفريط إمّا بالدلال الزائد أو الشدة والقسوة الزائدة، وعدم تنظيم الطالب لوقته مما يجعل الأمور متراكمة فنجعله ينفر ويمل ويزاد إهمالاً من الدراسة، وربما نقول كثرة الواجبات المنزلية تسبب إهمالاً وانخفاض الدافعية للتعليم وعدم التحفيز من (المدرسة – المُعلمين – المنزل)، كذلك عدم امتلاك الطالب ما يساعده على القيام بأداء الواجبات، واتصاف الطالب بعادة النسيان، وتدخل أولياء الأمور الزائد في خصوصيات وحل الواجبات عنه، والاتجاه السلبي من الطالب للمادة أو المعلم، وعدم تهيئة الظروف الملائمة للطالب سواء أكان بالمنزل أم المدرسة (ازدياد عدد الطلاب بالصف، أو ازدياد عدد الأشخاص من الأخوة بغرفة النوم)، ذاكراً أن الحلول تكمن في منح الوالدين الطالب -الابن- وقتًا للتفرغ له وتلبية احتياجاته المادية والنفسية، ومساعدة أي الوالدين اختياره أنواع الصحبة التي تتناسب معه، وترغيب ودفع الطالب للدراسة وأنها هي المصدر وصمام الأمان للمستقبل، وكذلك اكتشاف ميول الطالب ومواهبه والعمل على تنمية هذه المواهب واحترامها، والمبادرة والمبالغة في علاج الطالب من إدمان الإنترنت والحد من الزيارات الخارجية، كما أنه على الأسرة أخذ استشارة الطالب -الابن- في الأمور الحياتية ومصاحبته ومجالسته والحوار معه والإصغاء إليه وأنه جزء ذات أهمية بينهم. لا تجعل ابنك يتعلق بالألعاب الإلكترونية كثيراً د. سعد الناجم د.عبدالعزيز الدقيل إبراهيم الفضولي