فيما يراقب سوق الطاقة العالمي تطورات استئناف إنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي في المنطقة النفطية المقسومة على اليابسة والمغمورة بين الشقيقتين المملكة العربية السعودية والكويت، والتي تكتنز ثروات هائلة من المواد الهيدروكربونية تمثل عديد حقول النفط والغاز، وأضخمها حقلا الخفجي البحري الذي يدار من الجانب السعودي، والوفرة من الجانب الكويتي، واللذان يضيفان 500 ألف برميل في اليوم من النفط الخام لطاقة أوبك، ونحو مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي يومياً، تتواصل الأصداء الخليجية الأكثر اعتزازاً بهذه الشراكة التاريخية في صناعة الطاقة التي تمثل الوحدة الوطنية للشعبين الشقيقين في ظل حكومتين يربطهما تاريخ من التلاحم والإخاء والشراكة الأزلية. ونقلت وكالة الأنباء الكويتية «كونا» آخر تطورات عمليات استئناف الإنتاج المتدرج الذي من المخطط بلوغ طاقته القصوى أواخر العام الجاري، حيث قال وزير النفط الكويتي د. خالد الفاضل: إن اتفاق المنطقة المقسومة يعني معاودة إنتاج الكويت لقدرة 250 ألف برميل من النفط الخام يومياً قبل نهاية العام الجاري 2020، والتي ستسهم في زيادة القدرة الإنتاجية للكويت مع الالتزام بحصتها الإنتاجية وفق اتفاقية أوبك+، والتي تلزم نحو 22 دولة نفطية من أوبك وخارجها بخفض الإنتاج بقدرة 2,1 مليون برميل في اليوم حتى مارس القادم. ولفت وزير النفط الكويتي إلى أن توقيع مذكرة التفاهم يعني أيضاً تطوير إنتاج 500 مليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي يومياً، وهي حصة الكويت من حقل الدرة، وزيادة احتياطيات النفط الخام والغاز الطبيعي، وحصول الكويت على منفذ بحري جديد لتصدير حصتها من نفط المنطقة المقسومة. وأوضح أن نتائج الاتفاقية تشمل الاتفاق على وضع آلية مناسبة للاستغلال الأمثل للثروة المشتركة من الحقول الممتدة إلى خارج حدود المنطقة المقسومة والمنطقة المغمورة المقسومة، كما شدد على أن من نتائج الاتفاقية أيضاً الاتفاق على إعفاء الشركات التي ترعي مصالح الطرفين في المنطقة المقسومة والمنطقة المغمورة المقسومة من أي ضرائب أو رسوم أو إتاوات بما فيها الرسوم الجمركية. ووفق الاتفاقية يعد الحد المنصف للمنطقة المحايدة الذي تم اعتماده في الاتفاق اللاحق جزءاً من خط الحدود الدولية بين إقليم المملكة العربية السعودية وإقليم دولة الكويت، وتمارس المملكة سيادتها الكاملة على إقليمها الواقع جنوب هذا الخط، وتمارس دولة الكويت سيادتها الكاملة على إقليمها الواقع في شمال هذا الخط. فيما يعد خط تقسيم المنطقة المغمورة المقسومة خط حدود بحرية يفصل المناطق البحرية للمملكة العربية السعودية عن المناطق البحرية لدولة الكويت، وتمارس المملكة العربية السعودية جنوب هذا الخط سيادتها على بحرها الإقليمي وعلى ما لها من حقوق سيادية وولاية على المنطقة المتاخمة والمنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري وفقاً لأحكام القانون الدولي، بينما تمارس دولة الكويت شمال هذا الخط سيادتها على بحرها الإقليمي وعلى ما لها من حقوق سيادية وولاية على المنطقة المتاخمة والمنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري وفقاً لأحكام القانون الدولي. وجاء ضمن أهم بنود الاتفاقية التوافق بين البلدين بأن تبقى الثروات الطبيعية في كامل المنطقة المقسومة والمنطقة المغمورة المقسومة مملوكة للطرفين بالتساوي، ويحترم كل من الطرفين حقوق الطرف الآخر في الثروات الطبيعية المشتركة سواء الموجود منها حالية أو الذي يوجد في المستقبل. ويوافق كل من الطرفين على تمكين كل شركة من الشركات التي ترعى مصالح الطرف الآخر بالتواجد في الجزء الخاضع لسيادته من المنطقة المقسومة أو لذلك الجزء الخاضع لحقوقه في المنطقة المغمورة المقسومة، وإجراء جميع عمليات الكشف والتنقيب والحفر واستغلال الموارد الهيدروكربونية وفق امتيازها مع الطرف الذي ترعى الشركة المعنية مصالحه، وذلك بطريقة الاستثمار المشترك من خلال العمليات المشتركة ما لم يتفق الطرفان على نموذج آخر لاستغلال الثروات المشتركة. ويتعهد كل طرف باحترام أحكام تلك الامتيازات، وأن يقدم في الجزء الخاضع لسيادته التسهيلات اللازمة للشركات التي ترعى مصالح الطرف الآخر لممارسة حقوقها وأداء التزاماتها بما لا يتعارض مع القوانين السارية في الجزء الخاضع لسيادته أو لحقوقه. ويحق لأي من الطرفين إحلال شركة أخرى محل الشركة التي ترعى مصالحه في استغلال الثروات الطبيعية المشتركة في المنطقة المقسومة والمنطقة المغمورة المقسومة بشرط عدم المساس بحقوق الطرف الآخر. كما نصت الاتفاقية على أن يوافق كل من الطرفين على أن يكون لعمليات الخفجي المشتركة وعمليات الوفرة المشتركة دون عائق أو رسوم حق الحيازة أو الإشغال وليس حق التملك للمساحات اللازمة بصورة معقولة لأداء عملياتها. الجدير بالذكر أن شركة أرامكو السعودية أوعزت لشركتها التابعة شركة أرامكو لأعمال الخليج التي بدأت أنشطتها في العام 2000 لإدارة عملياتها في المنطقة المقسومة واستحوذت على حصة حكومة المملكة العربية السعودية في المنطقة المحايدة المقسومة، وفي الوقت ذاته، مثلت شركة أرامكو الجانب الكويتي في المنطقة، وشرعت الشركتان في العمليات المشتركة وفقاً لاتفاقية عمليات إنتاج النفط المشتركة المتعارف عليها باسم عمليات الخفجي المشتركة. وحسب اتفاقية عمليات إنتاج النفط المشتركة، تم تأسيس لجنتين لإدارة عمليات الخفجي المشتركة، أولهما اللجنة التنفيذية المشتركة التي تعتبر صانعة القرار الأول وهي التي تحدد سياسة عمليات الخفجي المشتركة، بما في ذلك برنامج التشغيل والميزانية. أما اللجنة الثانية، فهي لجنة التشغيل المشتركة التي تعتبر الجهة المشرفة على العمليات والنشاطات اليومية. وفي العام 2003، انتهت اتفاقية امتياز شركة الزيت العربية مع حكومة دولة الكويت وحصلت الشركة الكويتية لنفط الخليج على حصة دولة الكويت في النصف غير المقسوم من المنطقة المقسومة لاستهلال حقبة جديدة من العمليات المشتركة بين الشركتين الوطنيتين، أرامكو لأعمال الخليج، التي تدير حصة المملكة، والشركة الكويتية لنفط الخليج التي تدير حصة دولة الكويت لتمثلان نموذجاً فريداً من الشراكة الناجحة في المنطقة.