جلستُ ثلاثة أيام من دون نقود ورقية، ومن دون عملة نقدية، إذ كانت مشترياتي وتعبئة بنزين السيارة، ومستلزمات البيت، وخدمات التوصيل.. دفعا إلكترونيا مزودة بخدمة «مدى» وما أسقطني سوى التميس، إذ لا توجد شبكة عند الخباز، مما اضطرني أن أسحب من مكينة الصراف.. هذا الموقف يقابله، ويوازيه التعاملات الرقمية، التي ابتلعت المعاملات الورقية، ففي فترة وجيزة أصبح المواطن رقميًا، لا ورقياً، وانتهى زمن الملف الأخضر، ورأينا وزارات ترفع شعار ( بلا ورق ) كوزارة العدل التي أعلنت شعار: محكمة بلا ورق، ومثله: إطلاق برنامج "مراسلات" لتحويل المعاملات الورقية إلى إلكترونية. في وزارة الشؤون الاجتماعية، وهذا التحول الإلتكروني، هو ما نص عليه قرار مجلس الوزراء رقم (40) وتاريخ 1427/2/27ه الموافق 2006/3/27م بشأن إقرار ضوابط تطبيق التعاملات الإلكترونية الحكومية. وأصبحت كلمة رمز التحقق من خدمة الرسائل النصيّة SMS التي تصل لهواتف المستفيدين، هي المؤشر على إتمام أي عملية رقمية، تستأجر سيارة، فيتطلب الأمر منك رمز التحقق، تحول مبلغاً فيلزمك رمز التحقق، تسجل معاملة آلياً، فيتأكد التسجيل، برمز التحقق، تصدر وكالة إلكترونية، تستخرج شريحة جوال، وغيرها كل ذلك يقوم على الرقم ولا شيء غير رمز التحقق. وبهذا صار المواطن رقيماً في جميع معاملاته، وهذه من مزايا التقنية، وإن من التقنية ما يضر وينفع. كنتُ في الجامعة ألزم طلابي بالكتاب الورقي، لكني تراجعات وسمحت بالكتاب الرقمي لأني عندما أتوقف وكل شيء يتحرك حولي معناه أنني سأفيق وأنا وحيد، وهذا ما تتجه إليه وزارة التعليم للتعلم الرقمي، والكتاب الإلكتروني بدلاً من الكتاب الورقي واستخدام الأجهزة الذكية. وبالمناسبة في بداية العقد الماضي كانت التوقعات أنه سيكون العقد الذي تكتسح فيه ثورة الكتاب الرقمي ويتراجع الورقي، ولكن الذي حصل أن نسبة الكتاب الرقمي استقرت عند 20 % من سوق النشر وبقي الورقي مسيطراً. وكذلك كان دخول أبل لسوق الكتب الرقمية كان يتوقع أن تعمل تأثيراً مدوياً، ولكن لم يحصل. هذا وقد نظمت دار النشر «لوليس بلو» في برازافيل عاصمة الكونغو الديموقراطية ندوة أجمع الحاضرون خلالها على أنه لا يتوقع في المستقبل أي تحالف أو قرابة بين الكتاب الرقمي والكتاب الورقي. فيما يرى بعض الباحثين أن الثورة التقنية تستهدف الصحف المطبوعة، وأن الصحافة التقليدية تواجه تهديداً حقيقياً وأن مستقبلها غامض، كما توقعوا قرب زوالها في ظل تكنولوجيا الإعلام الجديد، مشيرين إلى أن هناك صحفاً عالمية أصبحت توزع صحفها بشكل مجاني حفاظاً على جماهيرها.