رأيت مقطعًا لرجل ثار خلاف بينه وبين رجلين، فركب سيارته في فورة غضبه وصدم السيارتين حتى قُتِلا، وانتهت حياته في ساحة القصاص، قصة مؤسفة، لا أتخيل ألم الأهل الذين فقدوا هؤلاء الثلاثة، ولاحظت شيئًا: المقطع طُوله أقل من دقيقتين. تخيل أن تنتهي حياة ثلاثة أشخاص بسبب غضبة دقيقة ونصف! تذكرت قول الرسول عليه الصلاة والسلام: لا تغضب. ويبدو أنه وجهها لشخص عصبي، فقد كان يفصّل النصائح ويراعي طبيعة السائل، فإذا سأله شاب قوي شجاع عن أفضل الأعمال أشار بالجهاد، وإذا سأله رجل صبور نصحه بالصوم، وهكذا، ويبدو أنه عليه الصلاة والسلام استشف أن السائل الأول غضوب فنصحه بعدم الغضب، وهي طبعًا تنطبق على الجميع خاصة سريعي الانفعال، وليس القصد عدم الشعور بالغضب من الأساس، فهذا لا يد للمرء فيه، ولكن عدم الاستغراق فيه، والتمسك بضغائنه، والمبالغة في ردة الفعل، فكل هذا في يد المرء، ومن أفضل ما يمكن أن تفعله إذا شعرتَ بالغضب شيئان: التنفس، والعد. تَوقَّف وخُذْ نفسًا عميقًا وعد الرقم واحد، كرر هذا إلى أن تصل إلى عشرة. العد والتنفس العميق سيهدئانك ويمنعان من أخذ قرارات طائشة متعجلة وتعطيك المزيد من العقل في الموقف. إذا كان حولك ماء فهذا سينفعك، فاشرب الماء؛ لأن له تأثيرًا مهدئًا للمخ، وتوضأ؛ لأن فورة الغضب ترفع ضغط الدم، وتضخ السائل الساخن في العروق، وتبريد الجسم من الخارج والداخل بالماء له تأثير فوري وملموس. ينصح خبراء الذكاء المشاعري بأن تغير نظرتك للغضب نفسه، فبدلًا من شعور سلبي انظر له أنه فرصة للتعلم. من يستفزك فحاول أن تتعلم منه. شخص يقطع طريقك ويطير بعيدًا، تعلم من هذا أن تكون شاكرًا أنك لست في عجلة مثله، أو أنك لست طائشًا ولديك عقل. يصعب أن تغضب أو تُحبط إذا كان هدفك أن تتعلم من كل موقف. وينصحون أيضًا بتحديد نطاق الغضب، فلا تغضب إلا لشيء يستحق. اغضب في الوقت المناسب. هذا لن يحدث إذا أظهرت الغضب لكل شخص وكل شيء. اكتب قائمة بأنواع الغضب لديك من الخفيف إلى القوي. استخدم كلمات دقيقة تصف ذلك، وحدد متى يجب أن تُظهر الغضب. لا تغضب، إنه شيء ممكن وأسهل مما تظن.