سجلت أسواق البولي إيثيلين في آسيا وأوروبا وإفريقيا أدنى مستوياتها منذ عشر سنوات مضت في الربع الأخير من 2019، متأثرة بالاتجاه الهابط للنصف الثاني من العام، وكان آخر هبوط سجل في 2009 أعقبها اتجاه صعودي. وفي حين يسجل السوق ارتفاعات متباطئة تدور التساؤلات حول ما إذا كان هذا الارتفاع الأخير سوف يستمر كما كان قبل عشر سنوات أم أن السحابة ستغيم على الأسواق في العام القادم 2020. وغني عن القول، أن الإمدادات الزائدة أثقلت بشكل كبير أسواق البولي إيثيلين في جميع أنحاء العالم في عام 2019. وبعد خسارة السوق الصينية كمنفذ مهم للتصدير، تدفقت شحنات البولي إيثيلين الأميركية التي غمرت بقية جنوب شرق آسيا وأوروبا وتركيا وإفريقيا، وساهمت في انخفاض الأسعار خلال العقد في جميع أنحاء هذه المناطق. وتشير الإحصاءات إلى أن صادرات الولاياتالمتحدة من البولي إيثيلين تجاوزت بالفعل ثمانية ملايين طن في الأشهر العشرة الأولى من 2019، وهو رقم قياسي جديد. ومن المرجح أن ينتهي العام بزيادة قدرها أكثر من 20 ٪ على أساس سنوي، مع الأخذ في الاعتبار أنشطة استهلاك المخزون التنافسية من منتجي الولاياتالمتحدة في الربع الأخير. وبالنظر إلى البدء الوشيك لشركة «ليونديل باسيل» و»فورموسا» و»ساسول» بإجمالي طاقة إنتاجية تزيد عن 1.5 مليون طن، من المتوقع أن يرتفع إنتاج البولي إيثيلين في الولاياتالمتحدة. علاوة على ذلك، هناك المزيد من مصانع البولي إيثيلين قيد الإنشاء تحت تأثير معروض الإيثان الزائد. وهذا يعني أن صادرات البولي إيثيلين من الولاياتالمتحدة سوف تستمر في الارتفاع في السنوات القادمة. وتنفذ شركة أرامكو السعودية حالياً مشروعاً للبولي إيثيلين في مجمع موتيفا للتكرير والكيميائيات في تكساس والذي من المتوقع أن يبدأ الإنتاج في الربع الرابع من عام 2020. وتعتزم شركة موتيفا تشغيل مصنع الكيميائيات بينما تبني ثلاث وحدات بتروكيميائية عملاقة داخل مجمعها في بورت أرثر في إطار توسعة تكلف 45 مليار ريال (12 مليار دولار) مع استثمار إضافي محتمل قدره 67,5 مليار ريال (18 مليار دولار) لعملياتها في الساحل الأميركي على خليج المكسيك بحلول عام 2023، ومن المتوقع أن يعزز عمليات مرفق بورت آرثر للتكرير إلى الكيميائيات. وكانت موتيفا قد وقعت في أبريل الماضي اتفاقيتين مع شركة «تكنيب» الفرنسية وشركة «هانيويل يو بي» الأميركية لدراسة تكنولوجيا إنتاج البتروكيميائيات لاستخدامها في مصنع كيميائي جديد من المقرر بناؤه في مجمع مصفاة بورت آرثر. وتعمل أرامكو على توسعة أصولها المشتركة الرئيسة للتكرير والتسويق والبتروكيميائيات في الدول المستهلكة الكبرى مثل الصين والهند، إلى جانب ماليزيا، بخلاف الأصول المنتشرة في الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية واليابان. وفي حين تبحث الولاياتالمتحدة عن منافذ جديدة للتصدير بأسعار جذابة، تساهم أيضاً الطاقات الجديدة في آسيا في فائض المعروض في المناطق الرئيسة حيث يتوقع قدوم أكثر من 10 ملايين طن، ثلثان منها في الصين. وكان من المتوقع أن تضيف الصين أكثر من 5 ملايين طن من سعة البولي إيثيلين الجديدة في 2019. ومن المقرر أن تبدأ أكثر من 3 ملايين طن من الطاقات الجديدة في عام 2020. وكانت روسيا تخطط أيضًا لإضافة حوالي مليوني طن من سعة البولي إيثيلين الجديدة بينما من المقرر أن تنتهي ماليزيا من إضافة أكثر من مليون طن في 2020. وعلى الرغم من أنه قد يكون هناك تأخير في مرحلة بدء تشغيل مصانع البولي إيثيلين الجديدة، فلن يستغرق الأمر وقتًا طويلاً لبدء التشغيل تجاريًا. ويواصل العرض تفوقه على الطلب عالميًا في 2019، حيث فاق العرض بكثير الطلب، مما أدى إلى مستويات لم تشهدها الصناعة منذ أزمة 2008. وقد لا تتغير هذه الصورة في 2020 وقد يظل الطلب منخفضًا في خضم الإمدادات الزائدة، والطاقات الجديدة بالإضافة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في جميع المجالات. وعلى الرغم من أن الهدنة التجارية الأخيرة بشأن الإعفاءات الجمركية الجزئية لواردات البولي إيثيلين الأميركية إلى الصين تعزز بعض الآمال بشأن تطبيع أوضاع السوق والطلب الأفضل، فمن المرجح أن تظل الأسواق حذرة للغاية. في حين تبرز أيضاً تساؤلات مفادها هل ستتحسن اقتصاديات البولي إيثيلين مع تحقيق الهدنة التجارية؟ وحتى إذا كانت الصين قد تفتح أبوابها أمام واردات البولي إيثيلين الأميركية بالكامل، فإن الضغط من الإمدادات لن يكون محدود. علاوة على القدرات المحلية المتنامية التي من المرجح أن تصبح المنافسة شرسة هذه المرة بين الولاياتالمتحدة والموردين الشرق أوسطيين، الذين كانوا يسيطرون على سوق الواردات الصينية. وقد يستمر هذا في انخفاض الأسعار ودفع موردي البولي إيثيلين للبحث عن هامش ربح أفضل في منافذ التصدير البديلة. وهناك تساؤل ما السوق الذي سيكون أكثر ملاءمة لمصدري البولي إيثيلين؟، حيث يواجه موردو البولي إيثيلين الآسيويون بالفعل هوامش ربحية محدودة بسبب تكسير النافثا وخفض الأسعار الذي لا هوادة فيه طوال عام 2019. وعلى الرغم من العوامل المماثلة التي أثرت على أوروبا، إلا أن الهوامش لا تزال إيجابية بالنسبة لمنتجي البولي إيثيلين بالنظر إلى ديناميات السوق المشبعة والمتوازنة في المنطقة.