أكد مدير عام التربية والمهارات في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) الدكتور إندرياس شلايشر أن إصلاح التعليم في المملكة وتطويره يكون من خلال جعل عملية التعليم جذابة وتوفير دعم أكبر للمعلمين وإتاحة فرص تطويرية مهنية لهم وفرص أكبر للتعاون مع بعضهم كزملاء والاهتمام بتعليم الأطفال من سن مبكرة مشيرا إلى أن الجهود التي تقوم بها المملكة حاليا ستترجم لنتائج أفضل. وقال د. شلايشر في حديثه ل"الرياض": المعلم ليس دوره تلقين الدروس فقط ولكن تربية الأطفال وتأسيس الثقافة والقيم والأخلاقيات والمعلم قناة موصلة بين البيئة التعليمية والمجتمع والاستثمار في المعلمين أمر مهم جدا لتطوير التعليم واعتبر شلايشر أن مشاركة المملكة العربية السعودية في اختبار PISA هي الأولى لها نقطة بداية جيدة مؤكدا على أن هذه الاختبارات تصحبها الكثير من التحديات. وأوضح د. شلايشر أن من أسباب تدني نتائج طلاب المملكة يعود لما يدرسونه من المعلومات الكثيرة غير الضرورية مشيرا إلى وجود حشو كثير في المناهج السعودية، وأضاف ولا بد أن توفر فرص للطلاب لتطوير قدراتهم وتعليمهم اتخاذ القرارات بأنفسهم لتحسن نتائجهم في اختبارات مثل PISA وشدد د شلايشر على أن PISA ليس اختبارا مجردا لقياس قوة الذاكرة لدى الطلاب ولكنه يقيس قدرة الطلاب على التفكير الناقد وقدرة الطلاب على التفكير خارج الصندوق بطريقة مبدعة ليحققوا نتائج فريدة وحلول للمشكلات التي يواجهونها. ولفت مدير عام التربية والمهارات في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن الطلاب في المملكة يتعلمون الكثير من المواد والموضوعات في وقت ضيق مؤكدا على أنهم يظلون مشتتين وأضاف وأنا شخصيا أرى أن الموضوع يكون بتعلم أشياء أقل ولكن بتركيز أعمق. وكان رئيس هيئة تقويم التعليم والتدريب الدكتور حسام زمان قد افتتح حلقة نقاش نتائج مشاركة المملكة العربية السعودية في بيزا 2018 م التي أقيمت في المركز الوطني للقياس والتقويم وذلك بمقر قياس بحي النخيل بالرياض بمشاركة مدير عام التعليم والمهارات في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) د. أندرياس شلايشر. وأوضح د. شلايشر خلال العرض الذي قدمه أن البرنامج الدولي لتقويم الطلبة المعروف اختصارًا ببيزا (PISA)، بدأ في العام 2000 عندما كانت القراءة من الكتب الورقية، وبالرغم من التقدم الكبير في تقنيات الاتصال إلا أن أداء الطلبة لم يتحسن، وإن من نقاط ضعف طلبة المملكة العربية السعودية عدم التفريق بين الحقائق والآراء، مشيرًا إلى أن مستوى طلبة المملكة العربية السعودية شبيه بمستوى الطلبة في الدول المجاورة لها؛ الفرق في الدول المجاورة هو كثرة الطلبة الدوليين. وأضاف أن 20 % فقط من التباين في تحصيل الطلبة بالمملكة العربية السعودية يحدث بين المدارس، ومعظم تباين التحصيل يقع بين الطلبة داخل المدارس، هذا يجعل مشكلة التحصيل أكثر صعوبة، حيث تتطلب عملًا شموليًا للإصلاح، فالأداء ليس ضعيفًا في مدارس بعينها بحيث يمكن استهدافها بالإصلاح بل في المنظومة الضخمة من المدارس، كما أن فرق التحصيل بين البنين والبنات في المملكة العربية السعودية يعدُ من الأعلى في العالم؛ وأوضحت المؤشرات أن التنمر من المشكلات الظاهرة بين الطلبة في المملكة العربية السعودية. وبيّن د. شلايشر أن السباق مع التقنية من أصعب التحديات التي تواجه التعليم؛ ففجوة المهارات تتسع، والمهارات الاجتماعية والعاطفية تكتسب المزيد من الأهمية، وأكد على أهمية جودة المعلمين، وأن الأمر لا يتعلق بالحوافز المادية بقدر ما يتعلق بالنجاح في استقطاب المعلمين ذوي القدرات المعرفية العالية، وصناعة بيئات تعلم مهنية حيوية للمعلمين في المدارس؛ وتطرق إلى المناهج والتدريس موضحًا أنه كلما كان موضوع التعلم أكثر صعوبة كانت طرق الاستظهار أقل فاعلية، وكلما سهل تدريس المعلومة أمكن أتمتتها وقلت أهمية تدريسها، وأن المناهج في الأنظمة التعليمية الجيدة عميقة ومركزة ومتكاملة. وأكد د. شلايشر أن تطوير التعليم ليس أمرًا يسيرًا حتى بالنسبة للدول المتقدمة. وبيّن أن تحسين التعليم سيسهم في تطوير المملكة اقتصاديًا خاصة في ظل الموارد المتوفرة لديها، مؤكدًا أن من التحديات جعل النجاح متاحا للجميع. وكشف مدير التعليم والمهارات أن أداء الفتيات في الاختبارات كان أفضل من الفتيان وهذا يحتم على المملكة اتخاذ التدابير اللازمة لجعل التعليم أكثر جاذبية للفتيان؛ مشددًا أن على التعليم أن يعزز التواصل بين الشعوب وأن يجعل الطالب قادرا على استيعاب الثقافات الأخرى، مع مواكبة الطفرة الرقمية والتقنية ومتطلبات الحياة العصرية. ويرى د. شلايشر أن التعليم يعزز المهارات اللازمة للقرن 21، مثل مهارات التفكير الناقد والاستقراء والتفكير المستقل والمقارنة عوضا عن الحفظ والاستظهار، مشيرًا أن الحفظ لا يساعد في حل المسائل المعقدة بعكس التفكر والمقارنة. وأكد أن حماس المعلمين وانضباطهم له دور في رفع جودة التعليم وجعل البيئة الصفية أكثر انضباطًا، مؤكدًا بأنه لا توجد حلول سريعة للتعليم ولا بد من التخطيط على المدى البعيد وعلى المملكة الاهتمام بشكل أكبر بالتعليم ما قبل الابتدائي لأهميته في بناء شخصية الطفل وخاصة مهاراته الاجتماعية العاطفية. جانب من حلقة النقاش د. حسام زمان