فقدت المملكة والساحة الأدبية الأستاذ الكبير الأديب عبدالفتاح أبو مدين عن عمر ناهز 94 عاماً، وكان -رحمه الله- أحد الأسماء الكبيرة التي قدمت لهذا الوطن الكثير وهو أديب وإعلامي ومن رواد العمل المؤسسي الثقافي في المملكة، وكان رئيس نادي جده الأدبي وأصدر جريدة الأضواء وهي أول جريدة تصدر في جدة شراكة مع محمد سعيد باعشن ومحمد أمين يحيى. وفي المجال الصحفي أيضاً تولى منصب مدير تحرير العدد الأسبوعي من عكاظ كما تولى مدير عام الإدارة في مؤسسة البلاد للطباعة والنشر ثم تم اختياره عضواً منتدباً لدار البلاد للطباعة والنشر عام 1957. كُرم أبو مدين في مؤتمر الأدباء السعوديين عام 2009، وتم تكريمه العام الماضي في مهرجان الجنادرية 33 برعاية الملك سلمان بن عبدالعزيز، ضمن شخصيات بارزة من المملكة كان لها دور بارز في خدمة هذا الوطن الرشيد، وحظي الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين -رحمه الله- بتكريم خادم الحرمين بوسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى. وعن مأثره تحدث عدد من الذين عاصروه في البداية تحدت الأستاذ سعد الحميدين بقوله: منذ أن عرفت جريدة الرائد الأسبوعية في بداية البحث عن طريق أسلكها نحو إيصال ما خربشه قلمي من محاولات أولية تريد أن ترى النور فكان أول من تلقفني بالإرشاد والتوجيه رئيس التحرير الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين برسالة حملت اسمي في بريد القراء متضمنة التشجيع بالحث على القراة والتأني في الكتابة مع الوعد بالنشر وكان أول مقال يُنشر لي في مسيرتي الكتابية في الرائد حيث كان الأستاذ قد فتح صفحات جريدته للشباب والناشئة من جميع أنحاء المملكة. يذهب عبدالفتاح أبو مدين ولا يذهب ذهب إلى الحياة الأخرى المصير الحق المحتوم ولم يذهب لأنه باق بما خلفه من نتاج أدبي وثقافي مطبوع، وما كان له من نشاط بارز في الثقافة في جريدة عكاظ الأسبوعية وما تبنى من أفكار تحولت إلى علامات فارقة في النادي الأدبي بجدة الذي عمل له الكثير متفرغاً كل وقته حتى صارت إصدارات النادي تنطلق من المحلية إلى العالم العربي وتطل على بعض أطراف العالم. رائد من الروّاد الذين أثَّروا في ثقافة الوطن وأثروها على قدر كبير حسب جهودهم الفردية التي يرون أنها تعطي الصورة الممكنة من الإعلان والإعلام عن ثقافة وطنية تمثل المملكة القارة وقلب العالم العربي. عجالة أودع فيها معلمي وأستاذي (أبو وديع) أستاذ الجيل الذي أعد وأرجو أن أفي بالكتابة عنه مرة ومرات أخرى باستفاضة وتفصيل فقد علمني الكتابة مرشداً ومن علمني الكتابة مرشداً كنت له تلميذًا مطيعًا ومعلنًا عما أعرفه عنه، وأكن له من مودة. فليرحمه الله، دعاء يتوجب ترديده في حال رحيل كل فقيد غال. قال الدكتور عبدالله السلمي رئيس نادي جده الأدبي: لاشك أن "أبو مدين" كان علامة فارقة في منظومتنا الثقافية بهمومها رجل قاد الحركة الثقافية باقتدار في مرحلة كانت تستدعي قدراً كبيراً من الخبرة والدراية والحكمة والحنكة، وكان -رحمه الله- يملك هذه المقومات لهذا نجح في قيادة الحركة الثقافية وبفقده فقد الوسط الثقافي علماً بارزاً وقائداً وأستاذاً. ويطلق عليه أستاذ لأنه أستاذ بإدارته بدرايته بوعيه بعقلانيته بفكره وطرحه ومؤلفاته التي يصعب حصرها فهو مازال يكتب إلى الرمق الأخير من حياته وقبل أشهر كان يحدثني عن كتاب سيصدر له قريباً، وهو مازال يعمل عليه رجل يواصل الليل بالنهار ولا يكل من القراءة والكتابة رجل لاشك أنه سيظل في ذاكرتنا لن تمحوه السنين وقد استفدت منه شخصياً وجلست بين يديه وتعلمت منه كثيراً من أمور متعلقة بنادي جدة الأدبي، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته وأقدم عزائي للقيادة لأن الرجل سبق أن نال وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى من خادم الحرمين الشريفين. ويقول الدكتور عبدالمحسن القحطاني رحم الله أخي وصديقي أبا وديع، رجل عرف العصامية وعاشها، علّم نفسه بنفسه، شق طريقه بصعوبة، فأعطته الصعوبة مزيداً من الإنتاج وعمقاً في الثمرة، له أوليات في الصحافة، وأنواع في الكتابة، كتب في الأدب والنقد والسيرة، وله مع تاريخ التجربة ما وثقها عبر كتبه، صحبته سنين في نادي جدة الأدبي، كان صامتاً بإنجاز، لا ترى فيه شططاً في القول ولا اعوجاجاً في الحديث، منجزاً في عمله مستفيداً من آراء زملائه، يدعم من يعمل معه، أعزي أسرته وعائلته والمثقفين وجميع أحبابه، رحمك الله أبا وديع. ويتابع عبدالعزيز أحمد قزان عضو مجلس إدارة نادي جدة الأدبي الثقافي: رحم الله الرمز الكبير عبدالفتاح أبو مدين تعرفت عليه منذ حوالي أربعين عاماً عندما كنتُ أرتاد النادي وأنا حينها طالب في الجامعة كان -رحمه الله- شعلة نشاط كان فريقًا بكامله خاصة عندما تقدم به العمر إذا كنا فئة الشباب حينها نعجب من تلك الطاقة التي يتحرك بها ولا أزعم أنني كنت من القريبين منه غير أنني كنت حريصًا على الحضور كل أحد، كان -رحمه الله- يعيش هموم جيلنا وكأنه من لِداتنا وحتى عندما ترجل وسلّم النادي كنا نشعر أنه يسلم قلبه لمن بعده وما غاب يومًا عن ذاكرة من تولوا قيادة النادي حتى في ملتقى قراءة النص كان حاضرًا بقوة تكريمًا وتفاعلًا وروحًا وثابة رحمك الله أيها الكبير وسيبقى في ذاكرة الأجيال ذلك الصوت الحر صاحب الكلمة الجريئة ولسان الصدق.. سيفتقدك نادي جدة الأدبي الثقافي وسيفتقدك الوطن. وداعًا أيها الرمز.. ويقول د. حسن النعمي: رحم الله أستاذنا عبدالفتاح أبو مدين. رجل الثقافة العصامي الذي مضى بعزيمته في رحلة طويلة مع العمل في حقلي الأدب والصحافة، وكانت مقولته المشهورة (الثقافة مغارم وليست مغانم). هذه المقولة تلخص شخصيته المثابرة على العمل بإخلاص دون النظر لأي مكاسب شخصية. وقد عملت مع الأستاذ أبو مدين سنوات وجدته فيها نعم القدوة في عمله وخلقه. ولعل أهم ما يميزه أنه يثق بمن يعمل معه ولا يتدخل في تفاصيل العمل. وعندما عرضت عليه مشروع جماعة حوار باركها وقال؛ أنت مسؤول عنها بالكامل. وفعلاً كان يحضر جلساتها ونقاشاتها كأي مثفف حضر للمفعاليات. وعملت معه في قرءاة النص وكان يوجه ولا يتدخل، وهذه صفة قلما نجدها فيمن يتصدر المشهد الثقافي. لأن طبيعة الثقافة مختلفة، فمن الضروري أن يتولاها أصحاب الهمم العالية، وقد كان أبو مدين صاحب همة عالية وخلق رفيع. رحمه الله. ويشارك عبدالعزيز حمود الشريف رئيس منتدى عبقر الشعري بأدبي جدة قائلاً: يعتبر الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين أحد الرواد الكبار الذي تزيّن بهم المشهد الأدبي والإعلامي والنقدي ممن تفانوا في هذا المشهد عطاءً وفكراً، وهو أول من أصدر صحيفة "الأضواء" في مدينة جدة مع زميليه ورفيقي دربه ومرحلته؛ محمد سعيد باعشن، ومحمد أمين يحيى، عمل رحمه بالعمل الصحفي رئيساً لصحيفة البلاد فكانت مرحلته من أهم مراحل هذه الصحيفة عطاءً ونتاجاً وتأثيراً ثم كانت محطته الأدبية في نادي جدة الأدبي وفي هذه المرحلة مسيرته الثرية، عرفت راحلنا ورائدنا، وأنا في بداية حياتي الصحفية بجريدة البلاد وكان -رحمه الله- يتحمل متابعتي الصحفية وحوارتي معه التي لاتخلو من فورة الشباب ولكنه كان يتعامل معنا كإعلاميين بروح الأب المربي أتذكر أنني عملت معه حواراً مطولاً لملحق روافد ولم أشعر ألا وهو في الجريدة يسأل عني، كان الوقت ظهراً وكان حضوره لمتابعة وقراءة الحوار قبل النشر وهذا درس قدمه لي في معنى الالتزام. لقد شهد نادي جدة الأدبي في عهده قفزات في النشاطين المنبري والطباعي فقد استضاف النادي رموز الفكر العربي وقمم النقد والشعر والنقد ووصلت مطبوعات النادي الوطن العربي، كجذور، ونوافذ، وعلامات. وأسس ملتقى "النص" الذي مازال يُقام كأحد الملتقيات المهمة. لقد أثرى الرائد: عبدالفتاح أبو مدين الساحة الفكرية الأدبية السعودية بما يزيد عن عشرين مؤلفاً ما بين السيرة الذاتية والنقدي والفكري. منها؛ الفتى مفتاح، في معترك الحياة، حمزة شحاتة ظلمه عصره، أيام في النادي.. رحم الله أستاذنا الكبير الرائد: عبدالفتاح أبو مدين. د. حسن النعمي د. عبدالمحسن القحطاني د. عبدالله السلمي عبدالعزيز قزان سعد الحميدين