تسمو العلاقات السعودية الإماراتية فوق كل أشكال العلاقات، فالعمق التاريخي المتين وقوة الروابط الأخوية، ورؤية البلدين الشقيقين وأهدافهما المشتركة تأتي امتداداً لتاريخ طويل من التفاهم والانسجام والتوافق. وجاءت زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع للعاصمة الإماراتية ولقاءه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، وعدد من المسؤولين الإماراتيين، تتويجاً لتاريخ قديم وحاضر جديد تمثل في تحقيق تطلعات وأهداف رؤى البلدين في تنمية مشروعات التطور والبناء ومواكبة التطور العالمي المتسارع. ويؤكد ولي العهد في كلمته التي ألقاها خلال ترؤسه للوفد السعودي في الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي استضافته العاصمة "أبوظبي" بأن المجلس يستهدف تحقيق نموذج استثنائي من التعاون المشترك، مبني على مكامن القوة للبلدين وروح العزيمة والريادة والإبداع التي يحظى بها شعبا البلدين"، الأمر الذي يؤكد صلابة الشراكة الاستراتيجية والعزم على مواصلة شراكة تؤسس للعديد من الأعمال المشتركة لتنمية مصالح البلدين كمرتكز لإقامة العديد من القواعد الاقتصادية، الأمر الذي أكدته الاتفاقيات الثنائية بين حكومتي المملكة ودولة الإمارات في مجالات الصحة والثقافة والفضاء والسياحة، ومن بين هذه المبادرات الاستراتيجية مشروع "المصفاة العملاقة الجديدة"، الذي يستهدف تأمين منافذ مخصصة لمبيعات النفط الخام السعودية والإماراتية في السوق الهندي للتكرير والبتروكيميائيات، ومبادرة "التأشيرة السياحية المشتركة" لمقيمي البلدين. وتشكل هذه الاتفاقيات تكاملاً اقتصادياً متيناً في قوة الاقتصاد الخليجي، الذي يعد أساساً لاستقرار اقتصاد المنطقة، وينعكس إيجاباً على الشركات المستثمرة في مختلف القطاعات الاقتصادية في أسواق الخليج، حيث إن المملكة والإمارات تعدان القوة الاقتصادية العملاقة التي تعتمد عليها مؤشرات النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي تنعكس حركتها الاقتصادية على مؤشرات النمو الاقتصادي العالمي. ويؤكد ولي العهد أن هذه المبادرات "تأتي استكمالًا لهذه المسيرة والجهود المشتركة بغية تحقيق تطلعات مواطني البلدين، وفي ضوء المتابعة المستمرة لقيادتي البلدين لمجريات أعمال المجلس والإنجازات التي تم تحقيقها على أرض الواقع، والأثر الذي أحدثته على مواطني البلدين، فنسعى معًا لتقييم جميع مجالات التعاون وإطلاق مبادرات مبتكرة وجديدة تسهم في تحقيق أثر إيجابي لكلا البلدين، ونواصل الجهد الرائع الذي بذل في السابق". وفي إطار تكوين هذا التكامل، يبذل قادة البلدين جهوداً مشتركة لتفعيل الرؤية للتكامل بين البلدين اقتصادياً وتنموياً وعسكرياً، لضمان التنفيذ الفعال لمبادرات مشروعات الشراكة الاستراتيجية، عبر آلية واضحة تقوم على منهجية متكاملة لقياس الأداء، تكفل استدامة الخطط ونجاحها، ورؤيتها حقيقة متجسدة على أرض الواقع. وفي هذا التكامل والتعاون المشترك أنموذجاً ناصعاً لتعميق وتوثيق روابط الأخوة الصادقة بين البلدين الشقيقين، والمحافظة على هذا الكيان وتعزيز دوره في الحاضر والمستقبل، أسأل الله العلي القدير أن يحفظ لنا ديننا وقادتنا وخليجنا، وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار. *عضو مجلس الشورى