ثمة قصور واضح في التعاطي الفكري والإعلامي مع الإرهاب والتطرّف وحالة الميز العنصري والتعصّب وكذا المدّ العُنفي الذي يلقي بظلاله القاتمة على الفرد والمجتمعات في كلّ بقاع العالم؛ وهو قصور يتبدّى في استراتيجيات الدُّول التي لم تصل حتى الآن لآلية أو جهود حقيقية تحاصر هذا الإرهاب والعنف والتطرف وتجتثّه بشكل نهائي. بل إن هذا القصور طال حتى المستوى المفاهيمي والمصطلحي بدرجة جعلت من بعض المغالطات أشبه بحقائق، فرأينا كيف أنّ تنظيماً إرهابياً كداعش يتم وصفه بالدولة الإسلامية في الشام والعراق، أو تنظيماً إرهابيّاً لا يقل خطورة عنه يتم وصفه بحزب الله. إنها مغالطات وتوصيفات تجانب الصواب ويتم تمريرها والتعاطي معها إعلامياً بشكل يخالف واقعها وأثرها الوجودي والتدميري الشرّير. إلا أنّ حالة من الحبور والابتهاج تتراءى لنا ونحن نطّلع على التقرير والملخّص الذي نشره التحالف الدولي ضد داعش على موقعه الإلكتروني تضمّن ملخصاً ل(مذكرة الرياض - لندن الخاصة بالممارسات الجيدة في مجال مكافحة رسائل التنظيمات الإرهابية: داعش نموذجاً) باللغتين العربية والإنجليزية، وقد تضمنت المذكرة عدداً من التوصيات المهمّة أبرزها؛ العمل على وضع استراتيجيات إعلامية لتفكيك الخطاب الإعلامي المقدم من قبل التنظيمات المتطرفة والإرهابية عبر منصات التواصل الاجتماعي، كما تضمن المطالبة ببذل المزيد من الجهد واتخاذ الإجراءات الفعالة لحث شركات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي على إزالة المحتوى المتطرف والإرهابي بكافة أشكاله من جميع المنصات الرقمية والعمل مع الشركاء على منع رسائل العنصرية والكراهية المبنية على اختلاف العرق أو اللون أو الدين التي يتبناها اليمين المتطرف أو الجماعات الإرهابية، والتأكيد على مبادئ التعايش السلمي والتسامح والاحترام بين المجموعات العرقية والدينية. هذه الأفكار والنتائج والتوصيات تدفع بالوعي والفكر إلى التدخّل في إعادة موضعة وتأصيل كلّ ما يخدم السلم، وتعزيز ثقافة التسامح، ونبذ العنف، والتطرف، والإرهاب وما يفضي إليه من أفكار راديكالية بشعة تقضي على الإنسان وقيم الخير والحق والجمال. ولعل من المهم التنويه بأنّ هذا الجهد التنويري الفاعل والمنتصر للفكر والوعي ولقيمة وكرامة الإنسان هو ثمرة جهد مشترك لتعاون رئاسة أمن الدولة ممثلة في (الإدارة العامة لمكافحة التطرف) والتحالف الدولي ضد داعش ممثلاً في (خلية الاتصال ضد داعش) ضمن حلقة دولية مهمة نوقش فيها (التكامل في مكافحة رسائل التنظيمات الإرهابية: داعش نموذجاً) في مدينة الرياض. ولا شك أن مثل هذه الحلقات والجهود المتضافرة تلعب دوراً تنويرياً رائداً في تصحيح المفاهيم والأفكار وترسم استراتيجية وعي يمكن الاسترشاد بها في خدمة قضايانا المصيرية.