جاء إعلان ياسر بن عثمان الرميان محافظ صندوق الاستثمارات العامة ورئيس مجلس إدارة شركة أرامكو السعودية في افتتاح مبادرة مستقبل الاستثمار؛ حيال احتمالية إشراك المؤسسات في اكتتاب آخر غير الاكتتاب العام الأولي الذي تحدد طرحه في 4 ديسمبر المقبل، في الوقت الذي تتجه شركة أرامكو السعودية للتحول الجذري الاستراتيجي في هويتها التي حددتها في خطتين رئيستين؛ الأولى فصل أرامكو عن وزارة الطاقة، والأخرى تحول أرامكو من مجرد أكبر منتج ومصدر للنفط الخام في العالم إلى الشركة الأقوى استثماراً في شتى الصناعات والقطاعات الأخرى بحيث لا تقتصر على قوتها النفطية بقدرتها على إنتاج حوالي 15 مليون برميل في اليوم من النفط الخام بعد استكمال توسعة الحقول الجاري تطويرها، بل بقوتها الاستثمارية الشاملة للطاقة المتكاملة والاستثمارات الضخمة المتنوعة. في وقت جمعت محاور المنتدى، الذي يحضره عدد من رؤساء الدول وكبار قادة الاستثمار العالمي وأبرزهم مستثمرو النفط والغاز والكيميائيات والطاقة بشكل عام، بين الاستثمارات المستدامة المستقبلية والتكنولوجيا المتطورة وتطوير المجتمعات وجميعها تتشكل في هوية شركة أرامكو السعودية التي أعلنها وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان مؤخراً حيث كشف سموه عن الوجه الاستثماري الحقيقي الآخر لشركة أرامكو السعودية بخلاف صناعة النفط والغاز وهو انفتاح الشركة المهول للاستثمار المتنوع بشتى القطاعات خارج منظومة الطاقة تشمل من ضمنها قطاعات الفنادق والبنوك والمطارات وخدمات الطيران. ويأتي هذا التوجه موافقاً لقرار مجلس الوزراء بتحويل شركة أرامكو السعودية لشركة مساهمة طبقاً لنظامها الأساسي اعتباراً من تاريخ الأول يناير 2018، ومنح مجلس الوزراء الشركات المملوكة بالكامل بشكل مباشر أو غير مباشر لأرامكو مهلة مدتها خمس سنوات لتكييف أوضاعها بما يتفق مع أحكام نظام الشركات، ولمجلس الوزراء تمديد هذه المدة عند الحاجة. وفتح هذا القرار بتحويل أرامكو إلى مساهمة آفاقاً استثمارية جديدة هائلة للشركة بدءًا من المتاجرة في جميع منتجات الطاقة والمنتجات الهيدروكربونية والكيميائية وغيرها من المنتجات المماثلة، وتسويقها، سواء أكانت من إنتاج الشركة أو من إنتاج الغير، إلى تصنيع وتجهيز جميع المنتجات والأجهزة والمركبات والأدوات المتعلقة بمجالات الطاقة بما في ذلك الصناعات الهيدروكربونية والكيميائية والصناعات الأخرى المرتبطة بها والمكملة لها. وتأتي خطط شركة أرامكو الاستراتيجية لتنوع استثماراتها على نحو مكافئ لما ألمح إليه سموه من إصلاحات قوية وجذرية يجري تنفيذها حالياً في إعادة هيكلة العلاقة التي تربط شركة أرامكو السعودية بالحكومة وإعلان سموه عن وجود نوايا للفصل بين أرامكو السعودية ووزارة الطاقة لتنطلق الشركة باستقلاليتها التامة التي تتيح لها التحالفات العالمية وتنوع محفظاتها الاستثمارية، وستظل وزارة الطاقة الجهة التنظيمية والصانعة لسياسات صناعة الطاقة في المملكة، حيث تمضي الحكومة قدماً لإنهاء ارتباطها التنظيمي بشركة أرامكو ويتيح بالتالي فصل السياسة عن النفط واستثماراته بما يعطي الشركة نفوذاً أعظم وقوة ضاربة في تعزيز ثقة كبار المستثمرين العالميين وشركاء أرامكو الدوليين لضخ أكبر الشراكات الاستراتيجية في مشروعات النفط والغاز في المملكة وخارجها غير متأثرة بضغوط التوجهات السياسية العالمية وهذا ما عظم من قوة المنافسة بين مستثمري أرامكو الدوليين الذين تدافعوا لشراء سندات مالية طرحتها أرامكو بقيمة 45 مليار ريال (12 مليار دولار) بينما ضخ المشترون حوالي 375 مليار ريال (100 مليار دولار).