طرح أرامكو في السوق المالية السعودية أصبح هو الشغل الشاغل لمعظم المستثمرين وحُق له أن يكون كذلك وهو أكبر طرح أولي في العالم لأكبر شركة في صناعة النفط، ولكن أعجب من المستثمرين الذين اتخذوا قراراتهم الاستثمارية وتصفية محافظهم من أجل الطرح سواء كان ذلك تخوفاً من نزول المؤشر أو من أجل تجهيز السيولة للاكتتاب في الطرح العام مع أن جميع ما تم تداوله لا يتجاوز أن يكون تسريبات إعلامية ولا يوجد أي مصدر رسمي حدد موعد الطرح أو كمية الأسهم المطروحة أو حدود السعر المقترح للسهم، فكيف يتم اتخاذ قرار استثماري بالاعتماد على تسريبات إعلامية، في نهاية الأسبوع الماضي راجت أخبار عن وكالات عالمية أن هنالك تأجيلاً للطرح حتى تتمكن الشركة من نشر قوائمها المالية عن الربع الثالث حسب طلب المستشارين الماليين وهو ما دفع السوق إلى الارتفاع خلال الأسبوع الماضي وفقد الكثير من المستثمرين الذين باعوا أسهمهم فرصة تعويض خسائرهم مع ذلك الصعود الذي كان مدعوماً بالأخبار الإيجابية التي جاءت عن طريق إعلانات نتائج بعض الشركات وخصوصاً نتائج البنوك التي أظهرت نتائج ممتازة وأثبتت أن خفض الفائدة لم يكن مؤثراً في أرباحها، وواصل السوق ارتفاعه إلى حدود 9000 نقطة وربما يتجاوزها هذا الأسبوع ومع ذلك لا نتوقع أن يصمد السوق فوق مستوى 9000 نقطة لو تم الإعلان الرسمي عن موعد الطرح، وهنالك عدة أسئلة قد يطرحها المستثمرون.. هل طرح أرامكو للاكتتاب سوف يسحب السيولة من السوق؟ هل سيؤثر على المؤشر وتتراجع أسهم الشركات إلى أسعار متدنية؟ هل الاستثمار في شركة أرامكو مجدٍ؟ هل يرتفع سعر السهم بعد التداول بنسب عالية؟ هل قرار تصفية المحفظة من أجل الاكتتاب في طرح أرامكو أفضل أم الحصول على تمويل لغرض الاكتتاب؟ سوف نجيب عن تلك الأسئلة بالتفصيل لنضع المستثمرين في السوق السعودية أمام عدة خيارات قد تجنبهم الوقوع في قرارات استثمارية خاطئة، في البداية يجب أن نعلم أن عدد الأسهم التي سيتم طرحها غير معلوم حتى الآن، ولكن لنفترض أن نسبة الطرح ستكون في السوق المالية السعودية حوالي 3 % حسب أعلى التقديرات والتي تمثل قيمة قد تتجاوز 200 مليار ريال ولو رجعنا بالذاكرة إلى طرح البنك الأهلي وهو الطرح الأضخم في تاريخ السوق المالية السعودية نجد أن الأموال التي ضُخت في الاكتتاب تجاوزت 300 مليار ريال ولم يكن مسموحاً في وقتها مشاركة المستثمرين الأجانب في الطروحات الأولية ومع ذلك لم تتأثر السيولة في السوق وأيضاً لم يتأثر المؤشر خلال أيام الاكتتاب وإن كان تأثر قليلاً عند الإعلان الرسمي عن موعد الطرح، أما طرح أرامكو سوف يسمح للمستثمرين الأجانب للدخول في الطرح الأولي وبالتالي سوف تتدفق على السوق المالية أموال من خارج السوق المالية السعودية وحتى من خارج النظام المالي السعودي وهذا سوف يخفف من الضغط على السيولة، بالإضافة الى أن عدد المكتتبين قد يتجاوز ستة ملايين مساهم معظمهم من خارج السوق مقابل 1.25 مليون في اكتتاب البنك الأهلي، بالإضافة إلى أن السيولة الموجودة حالياً في البنوك السعودية عالية حيث أظهرت أرقام شهر أغسطس بأن الودائع قد سجلت رقماً تاريخياً متجاوزة 1.7 تريليون ريال بينما لم يتجاوز حجم التمويل البنكي نسبة 78 % بالنسبة للودائع وهو ما يعطي للبنوك مجالاً كبيراً للتوسع في الإقراض وبالتالي نتوقع أن تخصص البنوك مبالغ كبيرة لتمويل الصناديق والأفراد للاكتتاب في طرح أرامكو، ولذلك مستبعد أن يؤثر طرح أرامكو على السيولة في السوق المالية أو حتى على السيولة في الاقتصاد المحلي، أخبار طرح أرامكو لاشك أنها قد أثرت بشكل واضح في تراجع مؤشر السوق السعودية ولكن لا أتوقع أن تتراجع أكثر ولو تتبعنا حركة مشتريات المستثمرين الأجانب فلا يزال صافي المشتريات متواصل وخصوصاً بعد أن تراجعت أسعار الأسهم وأصبحت أسعارها أكثر جدوى وتقييمات بعض الشركات أقل من القيمة العادلة لها، الاكتتاب في طرح أرامكو لاشك أنه قرار استثماري صائب ولكن يجب الانتباه إلى أن سهم أرامكو للاستثمار طويل المدى للحصول على عائد جيد ومستدام ولن يكون سهم أرامكو بأي حال من الأحول سهماً مضاربياً نظراً لضخامة الطرح وعدد الأسهم المطروحة وقد لا نستغرب لو تراجع سعر السهم عن سعر الاكتتاب بعد التداول وإن حصل ارتفاع فإنه من المؤكد سوف يكون ارتفاعاً محدوداً قد لا يتجاوز 10 % في أحسن الأحوال، وهنا يأتي السؤال الأهم.. "هل تسييل المحفظة للاكتتاب في طرح أرامكو.. قرار استثماري صائب؟" والجواب من شقين إذا كان المستثمر قد صفى محفظته قبل تراجع المؤشر فإن قراره كان صائباً إذا كان الهدف من الاكتتاب في طرح أرامكو استثمارياً وليس مضاربياً، أما من سيّل المحفظة بعد تراجع المؤشر فهذا قد ارتكب خطأً استثمارياً لأن الوقت لم يكن مناسباً للبيع كذلك لن يحقق له سهم أرامكو عائداً يمكنه من تعويض الخسائر التي تكبدها المستثمر بسبب تصفية المحفظة على الأقل في المدى القصير والمتوسط، أما المستثمرون الذين لم يتخذوا قراراً حتى الآن فإن الإبقاء على الأسهم في محافظهم قد يكون قراراً جيداً ويمكن الحصول على تمويل بنكي للاكتتاب في أرامكو وأعتقد أن البنوك سوف تقدم تسهيلات كبيرة للمكتتبين وبأسعار جيدة قد لاتتجاوز 3 % في السنة وبالتالي يحافظ المستثمر على الأسهم التي في محفظته والتي قد ترتفع بعد الانتهاء من عملية الطرح ويضيف عليها أسهم أرامكو وتسديد قيمتها بعد سنة عند حلول موعد السداد عند وضوح الرؤية وتدبير مبلغ سداد التمويل. حسين بن حمد الرقيب