الصناديق العقارية «ريت» عرفت لأول مرة في أميركا قبل نحو 50 سنة، حيث تم إدراجها في بورصة نيويورك العام 1965، وهي الآن مدرجة في معظم بورصات العالم، وتعتبر أداة استثمارية متوسطة المخاطر يلجأ إليها المستثمرون الذين يرغبون في توزيع المخاطر في محافظهم الاستثمارية وهي في الغالب لا تخضع للمضاربات اليومية التي ترفع وتيرة التقلبات وتجعلها عالية المخاطر، عند إدراج صناديق الريت في السوق السعودية لم يكن هذا حالها، فقد تعامل معها المضاربون من أجل تحقيق مكاسب عالية، وشهدت الإدراجات الأولى مضاربات حادة جداً وصلت بالسعر إلى نحو 25 ريالاً لأحد الصناديق، ولكن مع زيادة الإدراجات ووعي المستثمرين خفت حدة المضاربات إن لم تكن انتهت تماماً، ولاحظنا ذلك خلال هذا العام، فبرغم التقلبات الحادة التي شهدها المؤشر العام إلا أن مؤشر الصناديق العقارية لم يجاري المؤشر العام للسوق المالية سواء في الارتفاع أو الهبوط واستمر في صعوده من دون تذبذبات حادة، وحقق مكاسب من بداية العام أكثر من 4 % ولذلك من المهم جداً أن نفهم أن الهدف الرئيس للصناديق العقارية «ريت» هو الحصول على تدفقات نقدية مستقرة في حين تأتي الأرباح الرأسمالية بعد ذلك كهدف ثانوي. أدرجت الصناديق العقارية «ريت» في وقت كانت فيه أسعار العقارات في هبوط مستمر ولذلك دارت شكوك بين المستثمرين بأن هذه الصناديق ما هي إلا وسيلة لتخارج الملاك من عقاراتهم بأسعار جيدة وخصوصاً أن النظام في وقتها لم يكن يحظر الذين يملكون وحدات تزيد على 5 % من البيع، ولذلك لم يكن الإقبال على هذه الصناديق مشجعاً، خصوصاً بعد الإدراج والذي ساهم في تراجع أسعار الوحدات إلى مستويات 8 ريالات، والتي أعتقد بأنها الآن هي الأسعار العادلة بناء على نتائج الصناديق التي تحققت خلال الفترة الماضية والتي كانت في المتوسط في حدود 6 %، وهذا يتماشى فعلياً مع الوضع الحالي للسوق العقارية، ليست كل الصناديق أداؤها جيد، بل يوجد بعض الصناديق رؤوس أموالها مازالت ضعيفة، ولم تستطع تنويع استثماراتها فتسبب لها بخسائر، وهنالك صناديق مازالت نتائجها غير جيدة ولكن أتوقع أن تتحسن خلال الفترة القادمة بعد استكمال عملية الاستحواذ على الأصول ولكن أغلب الصناديق حققت نتائج جيدة، النظام سمح للصناديق بالاقتراض من أجل زيادة أصول الصندوق وهذا ساعد أيضاً في تعظيم أصول الصناديق العقارية وزيادة إيراداتها، التعديلات الجديدة في شروط الإدراج أضفت مزيداً من الثقة على هذه الصناديق، خصوصاً في ما يخص التقييم العقاري وتوثيق عقود الإيجار، وكذلك حظر بيع المؤسسين لوحداتهم إلا بعد مرور عام كامل وتحديد حد أدنى لرأس مال الصندوق بحيث لا يقل عن 500 ألف ريال. في النصف الأول من هذا العام لاحظنا تحسناً كبيراً في أداء الصناديق يعود إلى عدة أسباب منها أن مرحلة التأسيس لكثير من الصناديق قد اكتملت من خلال الاستحواذ على عقارات جديدة، وبدء تحصيل الإيجارات، ونتج عنها ارتفاع التوزيعات النقدية إى 298 مليون ريال مقارنة مع 216 مليون ريال خلال النصف الأول 2018، وزادت بذلك التوزيعات النقدية إلى نحو 2.3 %، ومتوقع أن تصل إلى 5 % في نهاية هذا العام، وفي العام القادم أتوقع أن تصل نسبة التوزيعات النقدية إلى 6 % مع إكمال الصناديق مراحل التأسيس وزيادة التدفقات النقدية، أما بعض الصناديق فقد وصلت توزيعاتها النقدية إلى 4 % في النصف الأول بناء على سعر الوحدة العقارية في السوق، وهذا جيد لمن اشترى وحدات الصندوق عند هذه الأسعار والتي قد تمنحه عوائد سنوية صافية في حدود 8 %، وهذا قد لا يحصل في الاستثمار المباشر في العقار حالياً، إجمالي أصول الصناديق ارتفع بنحو 2 مليار ريال بنهاية النصف الأول هذا العام، وهو ما يعزز إيرادات الصناديق. الصناديق العقارية «ريت» ربما تكون الخيار المفضل لبعض المستثمرين الذين لديهم الرغبة في الحصول على عائد جيد والمحافظة على سعر الوحدة دون تغير يذكر، وهذا ما قد تحققه للمستثمرين بعض الصناديق التي لديها تنوع في أصولها العقارية والتي من شأنها تفتيت المخاطر وتحقيق عوائد جيدة، والحقيقة ليست كل الصناديق لها تلك المميزات، ولذا يجب أن يكون هنالك دراسة متأنية لأداء الصناديق وقدرة الإدارة على اختيار الاستثمارات الصحيحة واتباع أفضل الاستراتيجيات في شراء الأصول العقارية.