وجواب هذا السؤال الحاسم يقول طالما لم ينته التطرّف بكل أشكاله في مجتمعات اليوم فالتطرّف الإلكتروني يمكن رؤيته كمظهر آخر لواقع التطرّف بكامل تناقضاته. وعلى الرغم من المظهر البريء لبعض الأفكار ذات الشمال وذات اليمين التي (يتعارك) حولها وبها قسم مهم من المجتمع الإلكتروني إلا أن جزءاً غير يسير من هذه الأفكار -في صورته الإجماليّة- يصب في مستنقعات التطرّف والعنف. وتقول القاعدة العلميّة إن وراء كل سلوك دافعاً أو أكثر يحرض ذلك السلوك ويستثيره ويوجهه إلى المدى الذي قد يصبح فيه التصرف لدى مرتكبه قناعة يدافع عنها من خلال سلوكه الجديد. وفي حالة الاستعداد لتقبل فكر التطرّف غالباً ما يكون هناك خصائص خاصة بالشخصيّة ذات "الاتجاه" المائل نحو التطرّف ما يجعلها أكثر استعداداً لتقبّل الأفكار المتشدّدة والتفسيرات المتطرفة للنصوص الدينيّة ثم يصبح مضحياً وضحيّة لها. ومن المستقر في الدراسات النفسيّة أن لكل شخص عدداً من الاتجاهات (الحالات) بعضها كما يقول علماء النفس تكون ناشطة في "مستوى الشعور" (مناطق عمل) تظهر وتختفي بحسب المحفّزات والمهدّدات. ويتّضح من هذا –بمعنى آخر- أن لدى (أي) شخص عدّة اتجاهات معروفة (ظاهرة) في كثير من القضايا وهناك اتجاهات مستترة فيما "وراء الشعور" تبقى في حالة كمون (مناطق نوم وحفظ) تنتظر من يستثيرها سواء كان ذلك المثير داخلياً (مع نفسه) أو مثيراً خارجياً (بتحريض موقف أو حدث أو شخص آخر). وبما أن الآراء هي أكبر كاشف للاتجاهات فيمكننا من خلال بعض الآراء الإلكترونيّة الاستدلال إلى حد كبير على حجم ونمط (أنماط) الاتجاهات التي قد تقود (ربما) إلى سلوك مخالف ربما يصل في أقصى درجاته إلى العنف أو التهديد به. وستكون الخطورة هنا أكبر إذا ما اكتسبت تلك الآراء التي يحاول معتنقها تعزيزها وترويجها إلكترونياً صفة اليقين بحيث يصبح ويمسي وهو يسخّر كل طاقاته لممارستها (فعلاً وقولاً) ومحاولة فرضها على غيره بوصفها واجباً إيمانياً من صلب بنية "العقيدة" الفكريّة التي آمن بها. وعادة ما تعتمد (الرموز) والجماعات المتطرفة في خطابها الإلكتروني على مفردات لغة تحريضيّة قاسية جدّا لضمان تعزيز مرتكزات التعبئة النفسيّة لمنتسبيها واجتذاب المتعاطفين والأنصار الجدد ممن تتوافر لديهم القابليّة لسماع ثم اعتناق خطاب التطرّف والإرهاب. * قال ومضى: قمة الصفاقة أن تطيل امتحان الحليم بالمزيد من الحماقة..