تم الإعلان مؤخراً عن استراتيجية دعم الأندية الرياضة وتم تخصص مبلغ 20 مليون ريال مرتبط بتطوير منظومة الحوكمة دلالة على أهميتها في تطوير بيئة العمل الرياضية، وذلك إيماناً منها بالدور المهم في ضبط العمل الرياضي إدارياً ومالياً باتباع أفضل الممارسات العالمية في المجال الرياضي. ولنسلط الضوء هنا قليلاً لإعطاء القارئ الكريم معلومات عن الحوكمة وأهدافها ومدى أهميتها في تطوير بيئة العمل الرياضية، لقد انتشر في الآونة الأخيرة مصطلح الحوكمة في بيئات ريادة المال والأعمال والمؤسسات التجارية عامة والرياضية بشكل خاص فلا يوجد تعريف معين للحوكمة، وقد تم تعريفها وفقاً لمؤسسة التمويل الدولية: بأنها النظام الذي يتم من خلاله إدارة الشركات والتحكم في أعمالها، وعرفتها كذلك منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: بأنها مجموعة من العلاقات التي تربط بين القائمين على إدارة الشركة، ومجلس إدارة الشركة وغيرهم من أصحاب المصالح. وتكمن أهميتها في ضبط التعاملات اليومية الإدارية والمالية وضمان وجود ضوابط الرقابة الداخلية وإيجاد بيئة اقتصادية جذابة لجلب المستثمرين في المجال الرياضي والحد من الفساد وتأثيراته السلبية ومن أهدافها فصل الملكية عن الإدارة المعروفة (بنظرية الوكالة)، وذلك لإعطاء الإدارة التنفيذية كامل الصلاحيات لإدارة شؤون الأندية بعيداً عن تضارب المصالح مما يعود بالنفع على تحسين بيئة الاستثمار الرياضي وتفعيل مبدأ المساواة بين جميع الأعضاء، وكذلك منع إساءة استخدام السلطة والنفوذ من الأعضاء أصحاب النصيب الأكبر في التصويت والتأثير على قرارات مجلس الإدارة وتم تفعيل المساءلة القانونية في التعديل الأخير للائحة الأساسية للأندية الرياضة، وذلك بتوقيع إقرار خطي بتحمل المسؤولية القانونية عن قرارته وتصرفاته خلال فترة المجلس الفقرة (8) من المادة 20، ويجب أن يعي أعضاء مجلس الإدارات مدى أهمية هذا البند ويجب تفعيله وعدم تكبد الأندية الرياضية ديوناً بسبب قرارات غير مدروسة فالمسؤولية هنا بين أعضاء مجلس الإدارة تضامنية أي مسؤولين عن جميع ديون أنديتهم. لقد شهدت الساحات الدولية الرياضية الكثير من حالات سوء الإدارة وحالات الفساد الإداري والمالي مثل الرشوة والتلاعب بنتائج المباريات والتي أثرت على سمعة الاتحاد الدولي لكرة القدم فأصبحت الرياضة بمثابة بؤرة للفساد وأصبح الفساد الرياضي نشطاً في هذه الفترة تكثر فيه حالات تبييض الأموال وعدم وجود رقابة تحكم مثل هذه الأفعال، وأصبح من الضرورة الملحة تطبيق الحوكمة الرياضية، ونظراً لأهميتها صدرت مؤخراً الاستراتيجية بدعم الأندية وتم تخصيص مبلغ 20 مليون ريال لكل نادٍ لتطوير آليات عمل الحوكمة أيماناً منها بمدى أهمية تطبيقها في المجال الرياضي وتوجهاته في ظل رؤية المملكة 2030 وأن تصبح الرياضة صناعة استثمارية تسهم في تطور الرياضة في بلادنا الحبيبة. إن التعديلات الأخيرة في اللائحة الأساسية للأندية الرياضية تعد البداية الحقيقية للتوجه نحو حوكمة قطاع الرياضة وأنتهزها فرصة بالشكر للهيئة العامة للرياضة على هذه الخطوات الاستباقية واقترح بأن يكون هناك نموذج استرشادي للحوكمة الرياضية يساعد الأندية على تفعيل بنود الحوكمة وأن تنشأ في الهيئة إدارة مختصة بالحوكمة الرياضية تعقد المؤتمرات وورش العمل لإعطاء الأندية مزيداً من الإيضاح عن آلية التطبيق، وأن تكون الزامياً على كل نادٍ وأن يكون لديه نموذج حوكمة يراجع سنوياً لتطبيق أفضل الممارسات، وفي حال عجزت بعض الأندية عن تطبيقه لابد من تدخل الهيئة ومعرفة الأسباب ومساعدتهم في تطبيق إطار الحوكمة المعتمد وبهذا نخلق مناخاً استثمارياً صحياً وأن تجذب الرياضة رؤوس الأموال للاستثمار فيها ونخلق جواً اقتصادياً عاماً يتواءم مع مجالات الاستثمار الأخرى. *دكتوراه في حوكمة الشركات - أمين عام نادي الدرعية