أعلنت النظام السوري الخميس فتح معبر لخروج المدنيين الراغبين من المنطقة التي تشهد تصعيداً عسكرياً منذ أشهر في إدلب ومحيطها في شمال غرب البلاد، وذلك غداة سيطرتها على مدينة خان شيخون الاستراتيجية وحصارها قرى وبلدات عدة واقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى. ومنذ نحو أربعة أشهر، تشهد منطقة إدلب ومحيطها تصعيداً عسكرياً وقصفاً جوياً عنيفاً من قوات النظام وحليفتها روسيا يتركز في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي المحاذي، ما تسبب بموجات نزوح ضخمة. علما أن المنطقة مشمولة باتفاق روسي تركي تمّ توقيعه في سوتشي في سبتمبر ونصّ على التهدئة. وسيلتقي رؤساء الدول الثلاث الراعية للاتفاق، روسيا وإيران وتركيا، في أنقرة في 16 سبتمبر لبحث الشأن السوري. وأعلنت دمشق "فتح معبر إنساني في منطقة صوران في ريف حماة الشمالي" بحماية قوات النظام، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" عن مصدر في وزارة الخارجية. وتلجأ قوات النظام عادة إلى استراتيجية فتح المعابر أمام المدنيين للخروج بعد حصار مناطق تحت سيطرة الفصائل المعارضة باتت على وشك استعادة السيطرة عليها، إن عبر اتفاقات إجلاء أو عبر عمل عسكري، على غرار ما حصل في شمال حمص (وسط) او الغوطة الشرقية قرب دمشق او مدينة حلب (شمال). ويتردد الكثير من سكان مدن وبلدات تسيطر عليها المعارضة بالخروج باتجاه مناطق قوات النظام خشية تعرضهم للاعتقال أو بالنسبة الى الشبان، للاحتجاز للخدمة العسكرية الإلزامية. وسيطرت قوات النظام الأربعاء على مدينة خان شيخون الاستراتيجية في ريف إدلب الجنوبي حيث يمر الطريق الدولي الذي يربط مدينة حلب بالعاصمة دمشق. وتمكنت بذلك من فرض حصار على منطقة ممتدة من جنوب خان شيخون إلى ريف حماة الشمالي، وأغلقت كافة المنافذ أمام القوات التركية الموجودة في أكبر نقطة مراقبة في بلدة مورك في شمال حماة. وتتواجد القوات التركية الداعمة للمعارضة في هذه النقطة وغيرها بموجب الاتفاق مع روسيا. "قرى أشباح" وشهدت منطقة جنوب إدلب وشمال حماة خلال الأشهر الماضية موجات نزوح ضخمة، وفرّ الجزء الأكبر من سكانها إلى شمال إدلب، على وقع تصعيد بدأ في نهاية أبريل. وأحصت الأممالمتحدة فرار أكثر من 400 ألف شخص من المنطقة باتجاه مناطق أكثر أمناً خصوصاً بالقرب من الحدود التركية. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن مناطق ريف حماة الشمالي التي لم تدخلها القوات الحكومية بعد باتت شبه خالية من السكان، كما فرّ الجزء الأكبر من أهالي ريف إدلب الجنوبي. ولا تزال الطائرات الحربية الروسية والسورية تقصف مناطق عدة في الريف الجنوبي خارج المنطقة المحاصرة، أبرزها بلدة معرة النعمان شمال خان شيخون التي رجح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن تشن قوات النظام هجوماً عليها. وقال أبو حسين النازح قبل يومين من ريف معرة النعمان لوكالة فرانس برس "نكاد نقول إن البلاد باتت خالية من السكان باستثناء البعض الذين بقوا في بيوتهم خوفاً على ممتلكاتهم وأرزاقهم، غامروا بحياتهم من أجل حراسة بيوتهم". وأصبحت المنطقة، وفق قوله، عبارة عن "قرى اشباح لا حياة فيها ولا ترى فيها سوى طائرة تقصف ومروحية ترمي ببراميلها". وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الخميس بنزوح أكثر من 80 ألف مدني من قرى ريف معرة النعمان الشرقي جنوب إدلب منذ يوم الاثنين الماضي وحتى صباح أمس. وقال المرصد، الذي يتخذ من لندن مقرا له في بيان صحفي أمس، إن ذلك يأتي على خلفية التصعيد الهستيري من قبل قوات النظام وحليفه الروسي، مشيرا إلى أن عشرات الآلاف ممن نزحوا من ريف معرة النعمان الشرقي، هم في الأساس نازحين إليه من ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي.