هناك مرض يسمى القلق القلبي وقد رأيته في عدة حالات حديثاً ولأن المريض يعاني الأمرين من الأطباء، وكذلك الأطباء يعانون معه فتجد كلا طرفي العلاقه في ألم وحيرة وتوتر.. ماذا يفعل؟؟ وكيف يساعد الطرف الآخر فالمريض يقول إنا في قلبي شيء لم يكتشفه الأطباء رغم أن فحوصاتي سليمة ولكن لعل الله يهدي أحدهم فيسلطه على علتي ودائي.. فلذلك تجد المريض يستمر في التنقل بين الأطباء في مدينته ثم ينتقل للبحث في دول ومدن أخرى وقد رأيت من زار أكثر من 15 طبيب قلب داخل وخارج المملكة ومازال يصر أن لديه مشكلة في قلبه لم يكتشفها الأطباء.. وفي المقابل تجد أن الأطباء يحاولون التخلص من هذه الحالات بتحويلها لتخصصات أخرى لأنه لا يستطيع مساعدته ولا يجد جواباً لأكثر تساؤلاته؟؟! وهذه الفئة من المرضى لهم صفات يشتركون فيها أكثر من غيرهم: أولاً: إن هؤلاء المرضى في منتصف العمر غالبيتهم من النساء وإن كانت تحدث لرجال تعرضوا لصدمات نفسيه قوية مثل من فقد زوجاً أو زوجة أو طلاق أو طرد من وظيفة أو موت أو فقدان شخص عزيز جداً أو دخول السجن أو الاغتصاب.. إلخ ثم يبدأ يشتكي من ألم في الصدر يتنقل من مكان إلى آخر ونغزات مع ضيق في التنفس أحياناً وخفقان متقطع وتعرق وبرودة الأطراف وجفاف في الفم وخوف من الموت أو المستقبل واضطراب في النوم مع خفقان. إلخ. ومن الشروط المهمة في التشخيص أن يكون هناك رابط زمني بين حدوث الصدمة وظهور تلك الأعراض.. ولقد كنا نعتقد سابقاً أن هؤلاء المرضى مصابون بمرض (عصاب القلب أو ما يسمى بالقلب العصبي مرادفاً للقولون العصبي أو القلب المستثار) ولكن اتضح حديثاً أن جزءاً كبيرًا من هؤلاء يعاني آلام إجهاد القلب النفسية وهو مصطلح طبي حديث يكشف عن تحول الأعراض النفسية إلى عضوية في القلب فكما أن الدماغ يأتيه الصداع وهو طبيعي، فكذلك القلب قد يحس المريض بآلام فيه، وهو طبيعي وهذا ما كان يسمى قديماً "مرض القلب العصبي" كما ذكرنا أعلاه وهناك وجه شبه مع مرض القولون العصبي "حيث يشتكي المريض من آلام وخفقان وفحوصاته طبيعية تماماً.. أما الآن فنحن نعرف أنه من الأعراض العصبية للقلب ومصنف تحت الأمراض النفسية وليس معنى ذلك أن المرضى المصابين بهذا المرض مرضى نفسيون، وإنما يعني أن هناك مجموعة من المرضى لديهم آلام في القلب ليس لها سبب عضوي، وهي قد تحدث في أي من الأعضاء التي يتحكم فيها كلياً أو جزئياً الجهاز العصبي غير الإرادي مثل القلب، الرئة، الجهاز الهضمي، الجهاز البولي.. وقد تكثر في بعضهم أعراض القلق والاكتئاب. ثانياً: إن جميع الفحوصات القلبية سليمة تماماً ثالثاً: ليس هناك سبب عضوي آخر من الممكن أن يشرح حدوث تلك الأعراض. رابعاً: تختفي مع التقدم في العمر ومن النادر أن تحدث فوق الستين سنة. خامساً: بعضهم لديه أعراض من القولون العصبي، أو القلق، أو الاكتئاب، أو الرهاب. سادساً: إنه ليس هناك علاج فعال لتلك الأعراض من ناحية القلب، ولكن يجب التحكم بالأعراض من الناحيه النفسية سواء بالأدوية أو الحوار النفسي السلوكي كما وجد أن التمارين الرياضية والمشي يخففان كثيراً من هذه الأعراض. سابعاً: إنه من النادر أن تسبب لهم هذه الأعراض جلطة حقيقية، أو وفاة وعادة ما يعيشون حياتهم طبيعية. ثامناً: تختفي تلك الأعراض إذا تغير نمط حياة هؤلاء المرضى، أو ابتعدوا عن الجهد النفسي، أو خف عليهم ذلك الجهد النفسي لسبب أو لآخر. والخلاصة: إن هذا المرض موجود ويمكن تشخيصه لكن يجب عدم الاسترسال في إطلاق هذا التشخيص على المرضى الذين يشتكون من آلام في القلب، حيث إن تلك الآلام قد تختلف مسبباتها من وقت لآخر في نفس المريض وإهمال تلك الآلام عندما يكون سببها من شرايين القلب قد تقود المريض إلى حتفه في بضع ساعات.. والله يرعاكم. من النادر أن تسبب لهم هذه الأعراض جلطة حقيقية هؤلاء المرضى في منتصف العمر غالبيتهم من النساء هناك مرض يسمى القلق القلبي