"ربة المنزل"، قد يراها البعض امرأة تفني حياتها بين أربعة جدران، لا تتقن شيئًا خلا الطهو والتنظيف. دعونا نفكر بالأمر بطريقة منطقية قليلًا، احذف عنصر الأم من أي منزل وانظر أي فوضى سيحدثها غياب هذا العضو الفعال، ربة البيت العادية، بعد كل ذاك الجهد المضني.. لا يسمع بها إنسي، وبالتأكيد لن يعلق اسمها على يافطات وبراويز لامعة.. لكن في النهاية ما نتيجة عملها؟ إن الأم ببساطة هي معبر ينتقل منه ذكور وإناث هذا العالم إلى دنيا البلوغ، فالاعتماد على النفس بسلام، انظر في أي بيت وقارن بين امرأة تعرف عملها وتحفظ بيتها وطفلها وزوجها، وبين أم غافلة، ستجد أنها مثل أي وظيفة أخرى.. الطبيب الذي يخشى الله في مرضاه والطبيب الانتهازي، المحامي الذي رهن حياته للدفاع عن المظلومين والمحامي المرتشي.. أطفال سعداء قويمو النفس، لديهم قيم يسترشدون بهديها، وأطفال تائهون بلا هديٍ يضيء عتمة الدنيا لهم. ربة البيت هي لبنة الأسرة الصالحة، لكنني هنا أحب أن أعقب بأمر بسيط: ليس أجمل ولا أرقى من ربة البيت التي تجمع إلى جانب مهامها العادية التثقيف، وتضيء روحها، على الأقل تتعهد كتاب الله ثم التفقه في الدين. والدتي - حفظها الله - أنجبتنا نحن الأحد عشر ابناً وابنة، ثم إنها بعد حملها السادس أتمت حفظ القرآن الكريم، ولا أستطيع استرجاع صورتها دون أن أتذكر كتب التفسير لابن أثير في يدٍ والقلم والدفتر في اليد الأخرى، لم تملك أمي يدين فقط ، واحدة تهدهد مهد الطفل والأخرى تحرك العالم كما قالوا.. ولكنها كانت تملك عشر أيادٍ، وقلباً كبيراً اتسع لكل ما أحبت فعله، والدي - حفظه الله - امتلك موسوعات علمية شتى ضمن رفوف مكتبته ولطالما شجعنا على زيادة اطلاعنا، في رأيي المتواضع ليس هنالك ما هو أعظم من هذا، وليس أسمى من ربة البيت المخلصة.