«انسدح» أبوصالح على ظهره في «مجبب» بيته الطيني في «عز القايلة» إيذاناً ببدء فعالية الترفيه المنزلي لأحفاده، فجلس أول الصبية على قدمي أبي صالح بعد أن أثنى ركبتيه للأعلى وبدأ في رفع الصبي مرددا تلك الأهزوجة النجدية القديمة «أم الزاكي كلتي عشاكي». هذا مشهد من مشاهد الترفيه المحلي الذي لم يكن يحلم أبوصالح أن تكون لدينا هيئة للترفيه. ولم يتغير المشهد بتغير واقعنا من الفقر إلى الثراء النسبي، يقول الدكتور ميسرة طاهر في إحدى محاضراته إنه الأستاذ المحترم في المجتمع، والخروف الذي يركب على ظهره أحفاده في المنزل. هكذا نحن مع الترفيه ومن دونه ومع الفقر أو الثراء أي أن الإنسان ابن بيئة أولاً وأخيراً. ما الذي دفعني للعودة لموضوع الترفيه؟ هو أن مقال الأسبوع قبل الماضي «الترفيه بين الاستهلاك والإبداع» لقي - ولله الحمد - صدى طيبا لدى من يهتم بصناعة الترفيه والإبداع المحلي. فشكرا للأستاذ ماجد الحكير رئيس اللجنة السياحية بالغرفة التجارية وابن الشيخ عبدالمحسن من كبار المستثمرين في القطاع السياحي والترفيهي تحديدا. وأوكد هنا أن هيئة الترفيه ولدت في بيئة معقمة كبيئة المستشفيات حتى تقوى مناعتها، ولكن العرب من قبل يرسلون بعض الصغار إلى البادية لتعلم لغة المكان وأهله والتعامل مع مفرداتها. وهيئة الترفيه ستبتعث بعض صبيتنا إلى «سكس فلاجز» للتعامل مع الترفيه الخاص بالألعاب الخطيرة في القدية ونسينا أن نبحث في بيئتنا بالتوازن مع الابتعاث الخارجي عن المبدعين الذي جعلوا من «بخشة الفوطة « يوما ما منتدى ثقافيا، أو مشتل الخرج متنزها غنائيا، فأغنية سلامة العبد الله «أنا تل قلبي تل هوى البال في المشتل// أبو مبسم يقتل وعيون قتالة» والتي كتبها الشاعر أحمد الناصر الشايع لاتزال حاضرة وستبقى أكثر خلودا من صراخ ممسرح وبلغة غير عربية في بيئة محلية، ذكريات المشتل وأغانيه المحلية هي معيار الإنسان ابن بيئته ويستطيع صناعة الترفيه كما فعل أمثال أبوصالح من قبل. أتمنى على الشيخ عبدالمحسن الحكير وهو المستثمر الوطني في ميدان الترفيه أن يدرج وحدة للبحث العلمي والتطوير في معهده السياحي لتنقل المعهد من ضيق التدريب إلى أفق التمكين المعرفي، وليصبح المعهد أيقونة وطنية في مجال السياحة والترفيه. أتمنى على هيئة الترفيه أن تمنح المعهد مساحة تليق بالبحث العلمي والتجريب في مشروع القدية ليصبح لدينا إمكانية لتحقيق حلم «القرية السعودية» الذي لا أزال أنادي به وقد يتحقق بمبادرة كهذه، فصناعة الترفيه ليست تقليداً فقط وإنما إبداع محلي أولاً وأخيراً، وهكذا تثبت لنا الأيام، ولنا في «والت دزني» خير مثال.