الصادرات غير النفطية من الركائز الأساسية التي تعول عليها المملكة في تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات ولذلك ركزت رؤية 2030 في برامجها التنفيذية على دعم الشركات السعودية لتصدير منتجاتها إلى العالم، كما أن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية يهدف إلى تحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية دولية، في عدد من المجالات الواعدة، مع التركيز على تطبيق تقنيات الجيل الرابع للصناعة، وذلك على نحو يسهم في توليد فرص عمل وافرة للكوادر السعودية، ويعزز الميزان التجاري، ويعظم المحتوى المحلي، يركز البرنامج على أربعة قطاعات رئيسة هي الصناعة، والتعدين، والطاقة، والخدمات اللوجستية، يعمل البرنامج على تصميم وتوفير مجموعة من الممكنات الضرورية التي تشتمل على تطوير الأنظمة المناسبة، وتوفير التمويل المطلوب، وتطوير البنية التحتية والأراضي الصناعية والمناطق الخاصة، والتوسع في تطبيق إجراءات الرقمنة، وتعزيز عمليات البحث والابتكار والتدريب، ورفع كفاءة الكوادر المتاحة، وما إلى ذلك، مدعومة بموقع لوجستي مميز وقريب من مصادر الطاقة لتحقق انطلاقة جديدة نحو الصناعة والتصدير وإعادة التصدير وكذلك تحفيز الشركات الصناعية الكبرى في العالم للاستفادة من هذه المميزات النسبية التي تمتلكها المملكة وتم إجراء إصلاحات اقتصادية وتنظيمية وتشريعية جعلت من بيئة الصناعة في المملكة أكثر جاذبية بالإضافة الى دعم الصادرات بإنشاء هيئة متخصصة (هيئة تنمية الصادرات السعودية) والتي تعمل على تذليل كل العقبات التي تواجه المصدرين وإقامة المعارض أو المشاركة في المعارض الدولية للتعريف بالمنتجات السعودية وكذلك حماية الشركات الوطنية من المنافسة غير العادلة ومنحها الكثير من المميزات والدعم اللوجستي والمالي من أجل النهوض بها بالإضافة إلى التركيز على المحتوى المحلي في المشتريات الحكومية وهذا من شأنه زيادة تدفق العملة الصعبة وزيادة فائض الميزان التجاري والذي ينعكس على نمو الاحتياطيات الأجنبية ودعم سعر صرف الريال السعودي وتحقيق التوازن في معدلات التضخم، ولعل الأرقام التي تحققت في نهاية العام 2018 تشير بما لا يدع مجالاً للشك على نجاح خطط الحكومة في دعم الصادرات غير النفطية حيث حققت قفزة نوعية كبيرة جداً في الصادرات غير النفطية من المملكة العربية السعودية وأظهرت الأرقام تطوراً ملحوظا حيث حققت نمواً في العام 2018م تجاوز 22 % وارتفعت قيمة الصادرات من 193 مليار ريال سعودي في العام 2017م إلى 236 مليار ريال سعودي في العام 2018م، وكان التحسن في صادرات الكيميائيات والبوليمرات هو المحرك الرئيس لهذا النمو، حيث نمت الصناعة بنحو 35 مليار ريال سعودي فقط منذ العام الماضي، وساهمت بنسبة 61 % في الصادرات غير النفطية من المملكة العربية السعودية في العام 2018م. كما حافظت القطاعات غير النفطية الأخرى على حصتها في صادرات المملكة غير النفطية في العام 2018م، حيث بلغت حصة صادرات مواد البناء 22 مليار ريال سعودي، والمحركات وقطع الغيار 16 مليار ريال سعودي، والمنتجات الغذائية 13 مليار ريال سعودي، وتحسنت جميع صادرات هذه القطاعات منذ العام الماضي. الثروة المعدنية التي تعول عليها حكومة المملكة في زيادة الصادرات غير النفطية تشهد قفزات نوعية حيث حددت هيئة المسح الجيولوجي السعودية 5300 موقع غني بالمعادن، ومن المتوقع أن يوفر الاستخدام الكامل لهذه المواقع 90,000 وظيفة سنوياً، وأن يحقق عائداً بواقع 67 مليار دولار سنوياً، كما أن فتح المجال للاستثمار الأجنبي سوف يعزز قدرة المملكة على النمو الكبير واستخراج الثروات الكامنة في باطن الأرض والتي تقدر بحوالي 5 تريليونات ريال وما تم اكتشافه حتى الآن لا يمثل إلا 50 % من حجم الثروة المعدنية. صندوق التنمية الصناعية السعودي قام بإطلاق واحدة من مبادرات التحول الرئيسة في إطار برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية بهدف أن يصبح الصندوق المُمكّن المالي الرئيس لقيادة التحوّل الصناعي في المملكة، ومن الإنجازات الرئيسة التي حققها الصندوق حتى الآن تبسيط وتعزيز إجراءات طلب وتقييم القروض كذلك تعزيز وتحسين الوظائف والعمليات الداخلية وتقديم واعتماد العديد من الحلول الإلكترونية المتعلقة بإجراءات العمل الرئيسة وخدمات الدعم وإطلاق برنامج خفض الديون المتعلقة بتوسيع نطاق المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم وإحراز تقدم بشأن عملية زيادة الأموال المخصصة لصندوق التنمية الصناعية السعودي من 65 إلى 105 مليارات ريال، كذلك يجري حاليًا تسهيل إجراءات عمليتي الاستيراد والتصدير عن طريق تخفيض مدة بقاء الواردات في الموانئ بنسبة 54 % (من 14 إلى 6,4 أيام)، وتقليل وقت التخليص الجمركي بنسبة 60 % (من 4,8 إلى 1,9 أيام)، بالإضافة إلى تقليل عدد المستندات المطلوبة للاستيراد والتصدير إلى حد كبير (من 12 مستندا إلى مستندين، ومن 8 مستندات إلى مستندين على التوالي) وهذه الإجراءات من شأنها تحفيز المصدرين على الاستفادة من موانئ المملكة وموقعها المميز وقد لعبت عمليات إعادة التصدير في المملكة العربية السعودية دوراً رئيساً في نمو الصادرات غير النفطية ففي العام 2018م بلغ إجمالي المنتجات المعاد تصديرها 2.32 مليار ريال سعودي أي ما يعادل 14 % من صافي الصادرات غير النفطية. الصادرات غير النفطية حسين بن حمد الرقيب