يعيش إنسان هذا العصر وسط ضغوط حياتية رهيبة سواء كانت ضغوطاً مزمنة أو عارضة تحفزها عوامل مادية أو اجتماعية أو فكرية وأحياناً صحية جسدية. والقارئ في الفكر الغربي والشرقي المعاصر يجد كثيراً من النشرات والخلاصات الجديدة الموجهة للإنسان الذي يعيش ضغوط المدن وصخبها وتحدياتها وتنافسات الساكنين فيها على كل شيء. ومع تأكيد هؤلاء المتخصصين على دور العلاج الجسدي والنفسي وأهميّة الاعتناء بالروح من خلال الإيمانيات والمباهج التي تسعد الإنسان إلا أن منهج «التأمل Meditation» بات يأخذ حيزاً واسعاً كعلاج لبعض حالات من يعانون تزايد ضغوط الحياة، وسبب ذلك أن التأمل - بحسب المتخصصين - يساعد المرء على تهدئة العقل وسكنية الروح بوصفه وسيلة مؤثرة في إدارة التوتّر والتعامل مع الإجهاد. والمقصود بالتأمل هنا - بحسب المراجع - لا يعني أن تصبح فجأة شخصًا مختلفًا، أو شخصًا جديدًا، أو حتى شخصًا أفضل، الأمر ببساطة أن تمارس بعد عبور مرحلة «التأمل» بعض العادات الجديدة ومن خلال ممارستها والتدرب عليها يمكنك أن تتخذ القرار الصحيح لتصبح (قائدا/ أما/ أبا/ أستاذا/ موظفا..) أفضل وأكثر طمأنينة. وكل ما تتطلبه مرحلة التأمل منك هو ترتيب «خلوة» مع النفس في مكان (مريح جدا) لمدة أنت تقدرها ولهدف وحيد وهو الهروب من الضجيج لغرض «التأمل» وإعادة مراجعة كل مداخل الضغوط ومصادر البهجة في حياتك، وحينما تلح عليك الرغبة للبدء في تغيير أو تعزيز هذه العادة أو ذلك السلوك فقد حقّقت بعض مرادك. وحتى تبدأ (بتغير عادات واكتساب عادات) عليك - بحسب الخبراء - أن تتمرّن لفترة يقدرونها بحوالي (21 يوما) لأن هذه المدة بحسب الدراسات كفيلة بمساعدتك على استحداث عادة (أو عادات) جديدة والتخلي التدريجي عن عادة (أو عادات) تبين لك خلال مرحلة التأمل والمراجعة أن عليك القيام بذلك، ومن علامات نجاح منهج «التأمل» شعورك بالقدرة على تشخيص مصادر القلق واستنباط طرق تعزيز مرتكزات السلام الداخلي، وارتفاع مستوى وعيك بذاتك، وتجدد حيويتك الفكرية. سألت متخصصاً المشورة مرّة، فقال من تنصحه لحياة أفضل فيقول: «ليس لدي وقت» أو «هذا برنامج ممل» فقل له استمر في نمطيّة إدارة حياتك وواجه الضغوط حتى يقضي أحدكما على صاحبه. * قال ومضى: لن يفيد الاعتذار، فضجيج الصمت أقوى من زحام الأسئلة..