لست على يقين بأن التطور الاجتماعي والإنساني يرافقه تطور فكري، وشاهد ما أزعمه أن الرهان على الزمن في انتظار معجزة المهدي المنتظر نقطة التقاء وتقاطع لدى بعض السذج، الأحداث التي دارت في المكان المقدس مطلع القرن، هي ذاتها على مسارح متعددة، تكتنزها تارة الدروس والملتقيات الخاصة لدى البعض، ويندفع وهجها أخرى فيما يسمى بلدان الرباط حينما يصبح الشاب اليافع أو المهاجر كما يظن أضحوكة للعالم ودمى تحركها الشياطين، ويصبح الإنسان المكرم إلهيا رخيصاً وضيعاً يذبح بالمدية كالشاة. إن إرهاصات العاصوف التي يبثها الفنان ناصر القصبي ورفاقه رمضانيا تستجلي حقائق مغيبة رغم حداثة عهدها، فالتشدد والحدية غطاءان يختمران العقل ويحيلان البشر إلى قطيع يأتمر بمن يسعى لهلاكهم، ولو لم يكن من الخط الدرامي للمسلسل سوى إبراز هذا المنحدر الآسن لكانت رسالته كافية، فكيف وهو يصور تغيرات عميقة ونقلات متعددة، لا نقر كل تفاصيلها كما هي سنة الاختلاف، ولكنها في المجمل تستحضر جوانب القصة بأبسط عقدها وفق الظروف الزمانية والمكانية، فالمملكة شاسعة الامتداد مساحياً وتاريخياً وحضارياً، تشكل بأقاليمها وقراها قارة متعددة الثقافات والعادات لا يمكن اختزالها في مشروع درامي واحد، وهذا لا يقزم العمل بل يشرع الطريق أمام مشروعات أخرى ترصد الأحداث والتحولات في كل منطقة من بلادنا العظمى، والمؤمل أن "العاصوف" حاصر خيبة الأعمال الفنية المعروضة خلال الشهر الفضيل وسيدفعها مستقبلاً للسير نحو الأمام.