لاشك أن ظاهرة التسول كظاهرة مجتمعية خطيرة موجودة في كل المجتمعات الإنسانية ومنتشرة في العديد من الدول وبمعدلات مختلفة، بما فيها مجتمعنا السعودي، خاصة أن خلايا هذه الآفة المجتمعية المرضية تنشط في محاولة استغلال مشاعر الناس الدينية وكسب عواطفهم الجياشة في شهر رمضان الكريم، إذ إن التسول وباء إذا لم يعالج استشرى في جسد المجتمع، وبالتالي قد يهدد البناء الاجتماعي ووظائفه الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية والتربوية، وعندما نتحدث عن مظهر من مظاهر التسول وهو تسول الأطفال والنساء في مجتمعنا السعودي، فإن النسبة العظمى - المتسولين تحديداً - يعيشون دون رقابة أو حماية ويفتقدون إلى الاستقرار النفسي والأسري والعاطفي والاجتماعي، هم متسللون من الفئة الوافدة تم تهريبهم بواسطة عصابات ومجرمين من الحدود عن طريق البر واستغلالهم في أعمال غير مشروعة، وهذه العصابات الوافدة تتخذ من هؤلاء الأطفال الأبرياء وسائل سهلة، وسلع رخيصة للأنشطة غير المشروعة سواء باستخدامهم كأدوات مهنية مساعدة لأعمال التسول أو الترويج، أو لجمع مبالغ لصالح الإرهاب والإرهابيين أو للحوثيين!. وعن الأطفال المتسولين المتشردين والنساء المتسولات الذين يقفون عند إشارات المرور أو في الشوارع والميادين أو الوقوف أمام المساجد، هم ضحايا تنظيم عصابي، وضحايا تفكك اجتماعي، وضحايا أوضاع اقتصادية متردية، ساهمت في انتشار هذه الآفة المرضية الخطيرة في مجتمعنا، خاصة أن وباء التسول ومافيته باتا يجدان أرضاً خصبة وبيئة مناسبة في مجتمع كمجتمعنا الإسلامي بالذات في المناسبات الدينية كشهر رمضان الذي أصبح فرصة للاسترزاق الوفير من مهنة كانت تقتصر على النساء والأطفال.!، لتشمل كل الفئات العمرية، مستغلين صور التكافل والبر والرّحمة التي يحث عليها ديننا الحنيف في استدرار العطف، وحرص المواطنين على طلب الأجر والثواب في الشهر الفضيل، ففي دراسة بحثية متخصصة كشفت معطياتها العلمية أن أطفال الشوارع (المتسولين)، والنساء المتسولات يشكلان العديد من المخاطر والمشكلات على الصعيد الأمني والسلوكي والنفسي والاجتماعي والصحي، ومن (المشكلات الأمنية)، انخراط هؤلاء في شبكات العصابات المنظمة، وتعرضهم للاعتداءات الجسمية واللفظية والجنسية، وغالباً ما يعمل هؤلاء الأطفال في مجالات السرقة والدعارة والتسول وممارسة الأعمال الهامشية كالبيع في الطرقات وعند الإشارات ومواقف السيارات، واستثمارهم في تجارة المخدرات وترويجها، وأعمال الجريمة والإرهاب، وعن الحد من انتشار هذا المرض الاجتماعي في المجتمع السعودي: تنبغي سرعة إقرار نظام مكافحة التسول ومثالبه الذي ينتظر الحسم منذ سنوات داخل القبة الشورية والتعجيل بالتدابير وسن العقوبات الرادعة على مستغلي الأطفال والنساء في جريمة التسول، وكذلك تعاون المواطنين للقضاء على هذه الآفة.