شدد عدد من الاقتصاديين والمحللين على أن ما تعرضت له محطتا ضخ لخط الأنابيب شرق - غرب الذي ينقل النفط السعودي من حقول النفط بالمنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على الساحل الغربي، لهجوم من طائرات "درون" من دون طيار مفخخة، ونجم عن ذلك حريق في المحطة رقم 8، وعلى الرغم من محدوديتها فإنه يبعث برسالة لجميع المنظمات العالمية ومنها الأممالمتحدة بضرورة الوقوف إلى صف المملكة لمحاربة الإرهاب بمختلف صوره وأشكاله والدول والمنظمات التي تقف وراءه وعبر وسائله المختلفة، مؤكدين في تصريحات ل"الرياض" على حرص المملكة الدؤوب على ضمان استقرار أسواق الطاقة والمال العالمي. طمأنات المملكة ولفت المحلل الاقتصادي فضل البوعينين إلى أنّ أعمال يوم الأمس لا تستهدف المملكة، بل إنّه تستهدف العالم من خلال محاولة التأثير وقطع إمدادات النفط العالمية، وهذا سيؤثر في أسعار النفط ويؤثر في الاقتصاد العالمي الذي يعاني من ضعف في نموه، وبالتالي إمكانية تأثره بشكل كبير فيما حدث. وأضاف: "التصريحات التي أدلى بها الحوثيون بأنهم من استهدفوا محطتي الضخ تدفع إلى أهمية الحديث عن إرهاب الدول المتمثل في إيران وهذا يخلق قلقاً كبيراً في المنطقة ويؤثر على أمن أمدادات النفط العالمي، فاستهداف محطتي الضخ، واستهداف سفن ناقلات النفط في ميناء الفجيرة يؤكّد على أنّ إيران تستهدف الطرق البديلة لتصدير النفط خلاف مضيق هرمز"، وكأنها بهذا ترسل إشارة إلى أنها ستسعى لتعطيل إمدادات النفط من جميع القنوات البديلة وليس عن طريق مضيق هرمز فحسب، وما حدث من هجوم أدى إلى ارتفاع أسعار النفط (1 %) تقريباً، وكان من الممكن أن ترتفع بنسب أعلى من ذلك لولا طمأنة المملكة ممثلة في أرامكو السعودية بأن إمدادات النفط لم تتأثر، وكذلك تأكيد المملكة على أنها ستزيد صادراتها النفطية إلى أوروبا إلى 3 ملايين برميل، وهذا يعكس قدرة أرامكو السعودية القوية على السيطرة على الوضع، وضمان الإنتاج وتصدير النفط دون مشكلات". وأشار إلى أنّ بيان أرامكو السعودية المتعلق بإمدادات النفط والغاز لم تتأثر نتيجة الحادث الإرهابي بعث برسالة اطمئنان انعكس إيجاباً على طمأنة الأسواق والمستهلكين وذلك ساهم في كبح جماح أسعار النفط الذي كان من الممكن أن ترتفع أكبر من هذا لو لم تكن السعودية قادرة على ضبط الأسواق وإعادة الثقة للمستهلكين حول العالم، وهذا بلا شك يزيد من مكانة المملكة العربية السعودية العالمية كمصدر آمن للنفط. ودعا البوعينين إلى ضرورة تدخل المنظمات العالمية ومجلس الأمن لوقف إرهاب إيران وتهديده للأمن العالمي والاقتصاد العالمي من خلال استهداف النفط، إضافة إلى وقف الحوثيين الذين ادعو بأنهم كان وراء الهجوم، معتبراً بأن دعم المنظمات الغربية للحوثيين ما هو إلا جزء من توتير المنطقة، وهذا سيضر ليس بالمملكة فحسب بل سيضر بالعالم أجمع، مستدلاً بما حدث لمحطتي ضخ النفط اللتين تعرضتا للهجوم. إضرار بالاقتصاد العالمي بدوره رأى الخبير الاقتصادي الرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية د. علي بوخمسين أنّ الأعمال التخريبية الإرهابية التي أصابت بعض المنشآت النفطية السعودية وأن تتالي الأحداث التي تمس مصادر نقل الطاقة في المملكة شرقاً (كما حصل في ميناء الفجيرة)، وغرباً كما حصل أمس في حادثتي الأمس فيما يخص تأمين مصادر إمداد الطاقة الواقع سيكون لهذا الخبر أثر كبير يمس عصب الاقتصاد العالمي وهو تأمين نقل النفط لوصوله من الدول المصدرة إلى المستهلكة، معتبراً أنّ أي إخلال في تأمين وصول النفط للدول المستهلكة يعني إصابة مقتل في الاقتصاد العالمي بالتالي الآثار المرتقبة لمثل هذه الأحداث وإن كانت محدودة إلا أن النتائج المرتقبة كارثية ووخيمة على الاقتصاد العالمي، فلسنا بصدد الحديث عن الإضرار باقتصاد المملكة بقدر ما هو إضرار بالاقتصاد العالمي من جانب والتأثير على تأمين وصول الطاقة وهي تمثل المصدر الأهم لاستقرار العالمي والأسواق المالية العالمية، وكما حدث وشاهدنا انخفضا حادا في (الداون جونز) بالأمس واليوم ومن المتوقع أن تكون هناك موجة انخفاضات حادة في الأسواق العالمية متأثرة بمثل هذه الأحداث. إرباك شديد أوضح د. بوخمسين أنّ مضيق هرمز يمثل الممر الحيوي الأهم لمصادر الطاقة العالمية، حيث تمر عبر هذا المضيق يومياً ثلاثة آلاف ناقلة نفط، أي بمعدل ناقلة نفط كل 6 دقائق، فنحن بصدد الحديث عن ممر ينقل أكثر من 35 % من النفط للأسواق العالمية، وبالتالي فإنّ أي إرباك في عملية سير ناقلات النفط هذه سيكون هناك إرباك شديد في الدول المستهدفة، وبالتالي سيكون انعكاسات كارثية على الاقتصاد العالمي نتيجة لمثل هذه الأحداث التخريبية. وأضاف: "فيما يخص الجهة الغربية فقد عملت المملكة منذ زمن بعيد إلى مد خط نفط ينقل 5 ملايين برميل يومياً عبر البحر الأحمر، وبالتالي فإن المملكة تؤمن خروج النفط هذه الكمية بعيداً عن مضيق هرمز، واستدرك بأن تصدير النفط عبر قناة السويس أو مضيق باب المندب ستتعرض ربما لرحلة صعبة أو شاقة للقراصنة المتواجدين بالقرب من مضيق باب المندب وبالتالي ربما يحدث إرباك شديد وثقل إضافي على تأمين وصول الطاقة إلى الدول المستهلكة". وأشار إلى أنّ هذا كله ربما تنعكس آثاره سلبياً على النتائج الاقتصادية العالمية، متمثلة في ارتفاع أسعار النفط، وقد يؤدي إلى تضاعف تكلفة الموارد المستوردة من الدول الصناعية، مؤكّداً أنّ من مصلحة جميع الدول المصدرة والمستهلكة للنفط أن تكون هناك أسعار مقبولة وداعمة لنمو الاقتصاديات الوطنية. الإرادة السياسية من جانبه رأى الخبير والمفكر الاقتصادي د. محمد بن دليم القحطاني أنّ مثل هذه الأعمال الإرهابية من شأنها تقويض الاستقرار العالمي، لا سيما والعالم متجه نحو ترسيخ مبدأ الإرادة السياسية المحدق بمجتمعاتنا وبجميع دول العالم، فالأعمال الإرهابية الجبانة التي تحدث في مناطقنا وخصوصاً في مناطق حيوية تغذي دول العالم بأهم مورد حيوي وهو النفط ستضر كثيراً بالجميع، وعليه علينا جميعاً أن نرفع الصوت عالياً (إلا نفطنا) فهو مورد لنا ولأجيالنا القادمة، فلا نسمح بأي شكل من الأشكال لهذه المغامرات الجبانة أن تستهدف محطات النفط؛ لأنّ من شأنها الانعكاس على خلق حالة عدم توازن الطلب والعرض في النفط. وأضاف: "لا ننسى بأن دول العالم أدركت على مدى سنوات بالدور الكبير الذين تقوم به المملكة في جعل العالم يعيش باستقرار في الجانب النفطي، كما بدأ العالم يوقن برسالة المملكة التي تنادي وتحارب الإرهاب منذ عقود، وتدعو المجتمع الدولي بأن يقف معها في رؤيتها للإرهاب، كما بدأ العالم يدرك بأنّ المملكة على حق في محاربتها لهذا الوباء الخطر الذي بات يتبع طرقا جديدة عبر طائرات الدرون، وهذا الاستهداف في حقيقته استهداف لأمان العالم، فالمملكة رفعت منذ عهد المؤسس شعاراً بأن (الطاقة للجميع)، ولم تبخل في مد يدها للجميع بإعطائهم مصدرا مهما يغذي اقتصاديات العالم والإنسانية، وعلى العالم أن يقف فوراً ويتعاون مع المملكة في ضرب الإرهاب بمختلف أشكاله ووسائله". زعزعة الأمن وتابع القحطاني: "تعلم جميع دول العالم بأن الميليشيات ليس لديها حس إنساني وهي خطرة وهدفها القتل وزعزعة الأمن والتخريب، فهذه الميليشيات تريد أن يصبح العالم متخلفا وعلى الجميع أن يتحرك يداً واحدة في إبراز الوجه الخطير لهذه الميليشيات الإرهابية، ومحاربتها بكل الطرق إعلامياً وعسكرياً، ومنعها من استخدام أي شكل من الأشكال من الإرهاب، فهم في حقيقتهم يعملون في الظل، وفي الخراب، والدمار وبالتالي على المجتمع الدولي أن يفهم ويعي بأن عليه دور رئيس وهو أن يتخذ قراراً بتجفيف منابع هذا الإرهاب ووسائله. واستطرد د. القحطاني: "المملكة ترسل رسالة رغم المخاطر التي تحيط بالمملكة من هذه الجهات الإرهابية، لكن المملكة لا تزال شامخة وتضمن للجميع بأن الإمدادات النفطية ستسمر رغم هذه الظروف الصعبة لكن يجعل هناك مسؤولية كبيرة بأن يقف مع المملكة في مواجهة هذا الخطر الجديد". محرك الاقتصاد ولفت عضو مجلس الشورى السابق د. محمد آل زلفة إلى أنّ العالم بأجمعه بات الآن أمام حقيقة وضاحة كوضوح الشمس في رابعة النهار، وهو أنّ الإرهاب يشكل أكبر خطر على العالم بأكمله، فالطاقة هي المحرك الأول لاقتصاد العالم وما قام به الإرهاب يوم أول من أمس في مياه الخليج العربي، وأمس في بعض خطوط الأنابيب لنقل البترول وسط المملكة، يمثل تطوراً خطيراً للإرهاب التي تمارسه إيران وأذرعها الإرهابية في المنطقة، وهذا بلا شك يستدعي موقفاً دوليا موحّدا لمواجهة الإرهاب الذي لا يشكل خطراً على المملكة لوحدها، وإنما على العالم بأجمعه، ولا مجال بعد اليوم للحياد في مواجهة الإرهاب الإيراني من قبل بعض المترددين وخاصة بعض الدول الأوروبية". فضل البوعينين د. محمد القحطاني د. علي بوخمسين د. محمد آل زلفة