الصيام وأمراض المناعة الذاتية * كيف تنشأ أمراض المناعة الذاتية، هل هي وراثية وهل للصيام دور في علاجها كمرض الذئبة الحمراء؟ -المناعة هي قدرة الجسم على التصدي لمسببات الأمراض مثل البكتيريا والفيروسات والفطريات والخلايا السرطانية وسمومها، والقضاء عليها ومنعها من إلحاق الأذى بأعضائه وخلاياه. تمثل قدرة جهاز المناعة على معرفة مكونات الجسم الذاتية وتفريقها عن الخلايا والأجسام الغريبة أساس وظيفة الجهاز المناعي، فإذا لم يكن الأخير قادراً على معرفة الأجسام الدخيلة قاد ذلك إلى غزوها الجسم، أما إذا لم يستطع التمييز بين الخلايا الذاتية والغريبة فإنه سيهاجم خلايا الجسم. يصاب الإنسان بهذه الأمراض عادة عندما يبدأ نظامه المناعي بمهاجمة أعضاء الجسم نفسه، وذلك نتيجة فشل الجهاز المناعي لجسم الكائن الحي بالتعرف على الأعضاء والأجزاء الداخلية الخاصة به، بحيث لا يستطيع معرفة البصمة الوراثية الخاصة بخلايا الجسم فيتعامل معها كأنها غريبة عنه ويبدأ بمهاجمتها باستخدام خلايا المناعة والأجسام المناعية. يسبب هذا الهجوم أضراراً شديدة بالجسم قد تتركز في مكان واحد أو عضو واحد مثل التهاب الغدة الدرقية الناجم عن المناعة الذاتية، أو قد يهاجم جهاز المناعة مجموعة من الأعضاء فيسبب مرضا أو مجموعة من الأمراض. كما قد يتعرف جهاز المناعة إلى أجسام غريبة ولكنها ليست مؤذية (مثل الفول السوداني) ويؤدي ذلك إلى ردة فعل تسمى «الحساسية» التي قد تكون مهددة للحياة. أمراض المناعة الذاتية: وهنا يتعرف جهاز المناعة إلى خلايا الجسم بوصفها العدو ويهاجمها، ومن الأمثلة عليها: داء السكري من النوع الأول، حيث يهاجم جهاز المناعة خلايا «بيتا» المسؤولة عن إنتاج الإنسولين في البنكرياس ويدمرها، مما يؤدي للإصابة بالسكري. التهاب المفاصل الروماتويدي، وفيه يستهدف جهاز المناعة المفاصل. ىمرض أديسون، حيث يهاجم جهاز المناعة قشرة الغدة الكظرية المسؤولة عن إفراز العديد من الهرمونات مثل الكورتيزول. ومرض الذئبة الحمراء. تنجم أمراض المناعة الذاتية عن تداخل عدة عوامل واجتماعها، سوية، لدى الإنسان المريض. من هذه العوامل: الميل الوراثي، ضعف/ خلل معين في الجهاز المناعي، منظومة هرمونية، وخاصة الهرمونات الجنسية لدى النساء، وأخيراً العوامل البيئية. هذه الأخيرة تشمل: الأدوية، المواد الكيماوية، الفيروسات، الجراثيم، التغذية والتوتر النفسي. تميل أمراض المناعة الذاتية إلى الظهور لدى عائلات معينة، إذ ثمة حالات كثيرة يمكن فيها ملاحظة ظهور أمراض مناعة ذاتية مختلفة لدى أبناء العائلة الواحدة. أمراض الحساسية: وفيها يتعرف جهاز المناعة إلى جسم خارجي غير مضر أو مؤذٍ (مثل الفول السوداني أو وبر الحيوانات) ويهاجمه، ويترافق ذلك مع ردة فعل تتفاوت شدتها وقد تصل إلى ردة فعل تحسسية شديدة. أظهرت دراسة حديثة أن الصوم وتقليل السعرات الحرارية التي يحصل عليها الجسم لفترات معينة من الوقت يمكن أن يساعدا على محاربة أعراض أمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة الحمراء والتصلب العصبي المتعدد وغيرها من الأعراض. أجريت الدراسة بشكل مبدئي على الفئران قبل متابعة التجارب بشكل محدود على البشر، وتبين أن تناول وجبات تحتوي على كميات محدودة من السعرات الحرارية يساعد أيضاً في الحد من أعراض مرض التصلب العصبي المتعدد. يقول رئيس فريق البحث من جامعة ساوث كاليفورنيا الأميركية فالتر لونجو «عند تناول وجبات وفق نظام معين يشبه الصوم يتم إفراز مادة الكورتيزون في الجسم التي تبدأ بمقاومة خلايا المناعة الذاتية، وهذه العملية يمكن أن تؤدي إلى تكون خلايا جديدة سليمة». ويعتمد النظام الغذائي الذي توصل إليه لونجو وفريقه على الحد من استهلاك السعرات الحرارية بواقع النصف على مدار ثلاثة أيام من كل أسبوع. وأثبتت النتائج الأولية لهذه التجربة -سواء بالنسبة للفئران أو البشر- أن هذا النظام الغذائي يمكن أن يقلل بعض الأعراض الناجمة عن أمراض المناعة الذاتية. من جهته، أفاد الموقع الإلكتروني «ساينس أليرت» المعني بالأبحاث العلمية بأن الفريق البحثي أجرى العديد من التجارب على الصوم، وتوصل إلى أن تناول وجبات ذات سعرات حرارية محدودة يساعد على تقليل الدهون ويقلل من ظهور آثار الشيخوخة والعديد من الأمراض لدى الإنسان.