أصبحت أرحب بأن أكون خارج التغطية من حين لآخر. أصطحب نفسي، في خلوة بعيدة عن كل ما يحيط بي، يكون هذا مطلباً عندي لتنظيف فلاتري التي أرى بها الحياة والناس، بعيداً عن أحداث الحياة اليومية التي تجرفك ربما إلى عيادات الطب والاستشارات.. أسوأ ما في الأمر وأنت خارج التغطية أن تبتلى بلئيمي الطبع. لا تسافر مع حزين ولا قليل المروءة، ولا كسول ولا ناعس ولا منخفضي الطاقة والهمة ولا كاذب ولا مخادع يخبئ لك شيئاً في نفسه؛ إن ذلك صعب وعسير، إنني أعرف.. لا تسافر مع شخص ستكرهه لاحقاً، كيف؟ لا أدري.. لكن هناك علامات لذلك مبكرة ليس لأجل أحد بل لأجل نفسك، وحتى لا يأخذ الأمر منك اللحظات الجميلة، لا تسافر مع القاسية قلوبهم تحسباً لطارئ صحي أو مادي قد تمر به أو مواقف صعبة، فالمواقف الصعبة لها أهلها. لا تسافر مع من يقدسون العادات والتقاليد جداً سيضيع وقتاً طويلاً في المجاملات والتوجيهات والتحيات والتوجيبات، لا تسافر مع أولئك الذين يمتلكون قصصاً وأحاديث ومشاعر فائضة سيضيع وقتاً من رحلتك وأنت تهز برأسك من غير قدرة على أن تمسك أول الخيط بآخره. لا تسافر مع أولئك الذين يقدسون الترتيب والتنظيم والنظافة سيبدو الأمر كأنك في مدرسة ومدير ومراقب، ابحث عن مبدعين، موهوبين بنوا مواهبهم بالجد والسعي، إنهم في حالة عدم توازن أبشرك بذلك لكن هذا مفيد أحيانا، ان ذلك يفيد كي ترى جمال الشروق والغروب يغلب أن يكونوا ظرفاء لطاف يحملون روحا إنسانية مدهشة على جانب من الثقافة والعلم رغم أمزجتهم المتقلبة أحيانا، والأمر لا يخلو من مفاجآت أيضا. تعلمت مزيداً من الدروس وأنا -خارج التغطية- اختصرت علي زمنا ربما من قراءة وكتابة، خارج التغطية إنني أقرأ في سطور الأيام وسطور المواقف وأفعال الناس لا أقوالهم إنني أرى ما لا أراه في أيامي العادية وإنني أستيقظ في أوقات لا أستيقظ فيها في العادة أوقات الانتظار هي أجمل ما يمكن عندي، لا تنتهي الأشياء التي أود ويمكنني القيام بها وعملها. أصبحت أجد نفسي ممتلئة بنفسي تجد في حقيبتي الاقلام ودفتراً وأوراقاً وكتابا، وسماعات صغيرة جداً في الغالب أسمع أشياء بغير لغتي حتى لا أفهم، نعم ليس ضروري أن تفهم أكثره حزين وبائس، ما يبعث الفرح والبهجة قليل هل تسافر لوحدك؟، لا أدري.