فقدت الحركة الرياضية في المنطقة الوسطى أحد رموزها وروادها الكبار ممن خدموا مسيرتها التأسيسية قبل أكثر من ستة عقود برحيل الأستاذ ناصر عبد المحسن بن نفيسه (83 عاما) الذي وافته المنية أخيرا بعد معاناة مع المرض. والفقيد يعتبر من أبرز الأسماء الريادية الخالدة في الحركة التأسيسية لنادي النصر وبشهادة رمزه الأول الأمير عبدالرحمن بن سعود –رحمه الله- الذي ذكر لي شخصيا في أحد اللقاءات، أن تأسيس النصر كان على يد أبناء الجبعاء (زيد وحسين) وناصر بن عبد المحسن بن نفيسه، وتحديدا في منتصف عقد السبعينيات الهجرية عندما أخذ على عاتقه مع بقية رجالات ومحبي البيت الأصفر فكرة تأسيس الفريق العاصمي بعد أن تبرع أبناء الجبعاء بمنزلهم كأول مقر لفريق النصر ضم مجموعة من أبناء حي العطائف - وسط الرياض - الذين نهض (فارس نجد) على أكتافهم، ومنهم سعود العفتان (أبو حيدر) وعبدالرحمن بن حوبان وناصر كرداش وميزر أمان ورزق سالمين وفيصل العسيلان وعلي وعبدالله بن نزهان. وبعد أن أسهم ابن نفيسه مع أبناء الجبعاء وعبدالله مختار - رحمهم الله - في تسجيل النصر رسميا مطلع الثمانينيات الهجرية تم اختيار عبدالله مختار رئيسا للنادي، ومثله ابن نفيسه في الدرجة الثانية قائداً، وأسهم مع بقية زملائه في صعوده للدرجة الأولى عام 1383ه، ثم اعتزل اللعب واتجه إلى التحكيم. لقد عرفت "ابن نفيسه" قبل أكثر من 15 عاما بحكم اهتمامي بالتاريخ الرياضي، وكنت محظوظا بأن أقرأ شيئا من ذلك التاريخ من مصادره الأولية ومن رواده المعاصرين، وكان أبو عبد المحسن -غفر الله له- مرجعا ثريا ومخزونا ثقافياً أصيلاً يحتفظ بمعلومات رياضية وحقائق كروية وأحداث مثيرة عمرها أكثر من (60 عاماً)، وبالتالي استفدت من هذا التاريخ المتنقل كثيرا في نشر هذه الحقائق الدامغة ومعطياتها التوثيقية للقارئ الكريم. وكان الفقيد يتمتع بشخصية اجتماعية ورياضية متزنة، تجمع القيم الأخلاقية والتواضع وطيب المعدن ونقاء القلب الذي أكسبه حب الرياضيين القدامى والإعلاميين، الذين عاصروا مسيرته في حقبة لم تكن الرياضة مقبولة عند المجتمع النجدي لاعتبارات ثقافية واجتماعية، غير أن رجالات الحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى، وعلى رأسهم رائدها الأول الشيخ عبدالرحمن بن سعيد -رحمه الله- وبقية رموز هذه الحركة البنائية نجحوا في قيام النشاط الرياضي في قالبه المؤسسي بعد تسجيل الأندية رسميا أوائل الثمانينيات الهجرية. رحم الله ناصر بن نفيسه، عاش إنسانا نبيلا وشهما وكريما، ورحل تاركاً سيرة عطرة وذكرى طيبة وروحاً نقية وإرثا من القيم الأصيلة والشيم الفضيلة تغمده الله بواسع رحمته.