انتقد بعض المختصين والأسر، موجة الحفلات المخصصة لتخرج الطالبات في المدارس الأهلية والعامة، التي أصبحت تفتح باباً واسعاً للتفاخر والاهتمام بالمظاهر التي ليست لها قيمة؛ حيث أكدت بعض الأسر أن هناك مبالغ مالية تُصرف على مثل هذه الحفلات التي أصبحت تقام في أفخم الفنادق، وتقام فيها الفقرات التي تستلزم التنوع في اللباس وفي الشكل، ما يسبب ضغوطا مالية إضافية على أولياء الأمور، ولا سيما في واقع المدارس الأهلية، التي أصبحت تطلب مبالغ إضافية لإقامة هذه الحفلات، والتي كثيراً ما تأخذ من الوقت المخصص للتعليم، خاصةً في العام الأخير من المرحلة الثانوية العامة، التي تحتاج إلى كثير من التركيز والدعم، مطالبين بالنظر في مثل إقامة هذه الحفلات، التي إن كان ولا بد أن تحدث أن تقنن في حدود لا تثقل كاهل الأُسر مادياً، كما لا تكون على حساب الوقت والتركيز الذي يجب أن يوجه إلى التعليم في مرحلته الدراسية النهائية. ظاهرة سنوية وقالت معالي يوسف بوجعدة، مشرفة تربوية: إن هناك كثيرا من المبالغات التي أصبحت تحدث في واقع حفلات التخرج، حتى إنها تحولت إلى ظاهرة تحتاط لها المتاجر والمحال التجارية وأماكن التسوق ومحال الزهور وإقامة الحفلات في كل عام، لفرط انتشارها وتحولها إلى ظاهرة سنوية، فالمدرسة تعلن أنها ستقيم حفل تخرج، إلاّ أن الاستعداد له يأخذ طابع المبالغة بشكل يجعل منه حدثا يحتاج إلى خروج الطالبات من الحصص المدرسية، وتكرار التدريب، وإنفاق كثير من الأموال على إقامته، وعلى الرغم من أن إدارات التعليم حاولت الحد من المبالغات في مثل هذه الحفلات، إلاّ أنها تتضخم في واقع المدارس الأهلية التي وصل بعضها إلى إقامتها في فنادق كبيرة، والإعداد لها بشكل يدفع الطالبات إلى الضغط على أسرهن لدفع مزيد من المال، للخروج بشكل يتناسب مع حدث التخرج، متأسفةً أن التنسيق لهذا الحفل يقتطع من الحصص الدراسية، التي قد يطول الإعداد لها أكثر من شهرين بشكل مستمر ومتتال، مشيرةً إلى أن القيمة المعنوية التي تتركها حفلات التخرج جيدة ومؤثرة، خاصةً على نفسيات الطلاب والطالبات، فهي ظاهرة إيجابية، ولكن يجب ألا تأخذ شكل المبالغة في الإعداد لها، وفي إرهاق الأُسر بمبالغ مالية كبيرة تصل أحياناً إلى أن يعجز ولي الأمر على دفعها. مرهقة جداً وأوضحت نوف السليمان، ربة منزل، أن حفلات التخرج أصبحت مرهقة جداً ومتعبة نفسياً للأسر، حيث إن لديها ثلاث بنات ومراحلهن التعليمية متتالية، حتى وجدت نفسها في كل عام ملزمة بدفع أقساط الاشتراك في حفل التخرج لكل ابنة منهن، فيصل المبلغ إلى 1500 ريال -حسب قولها - تدفع إلى المدرسة التي تخصص جزءا منه لعباءة التخرج، التي تدعي أنها تقوم بخياطتها لدى مصممة مهمة، وجزءا للجلابيات التي ستؤدي فيها الطالبة رقصة الترحيب، وثوب آخر أيضاً لفقرات مختلفة، مضيفةً أن هناك طلبات أخرى تتعلق ببعض الإكسسوارات التي ترتبط بفقرات تحمل طابعا وطنيا كالأعلام والشعارات الخضراء وغيرهما من الطلبات المرهقة التي يجد ولي الأمر أنها وصلت إلى مبالغ مالية ضخمة، مشيرةً إلى الطلبات الأخرى التي تطلبها الابنة الخريجة من أسرتها قبل الحفل بأيام، حيث ترتاد الأسواق لشراء بعض الحاجيات استعدادا لحفل تخرجها، ثم في يوم حفل التخرج تطلب الذهاب إلى صالون نسائي، ويتم دفع مبلغ كبير أيضاً لاستعدادها لهذه الحفلة التي تصبح مرهقة جداً لأولياء الأمور، إضافةً إلى الهدية التي أصبح الخريجون والخريجات يشترطون الحصول عليها قبل إعلان النتائج الدراسية النهائية، مؤكدةً أن حفلة التخرج تعني أن تقدم الأسرة هدية فاخرة للطالبة والطالب في يوم الحفل، حتى أصبحت «هما» كبيرا على الأسر ومضيعة للجهد والوقت. مسؤوليات مادية ووجّهت ناديا الصقر - تعمل في شركة تسويق - أصابع الاتهام إلى المدارس الأهلية، التي أصبحت تتكسب من وراء مثل هذه الحفلات نهاية كل عام، فمع الأسف ليس هناك رقيب عليها، فتستغل اندفاع الطالبات خلف الرغبة في الفرح والاحتفال والبهجة وتفرض عليهن مبالغ مالية يجب ألا تؤخذ منهن، مضيفةً أن ولي الأمر يدفع مبلغ التحاق ابنته بالمدرسة كل عام والمبالغ التي تقدم لهم كبيرة، بخلاف دعم وزارة التعليم لمثل هذه المدارس الأهلية، ثم تفرض رسوما إضافية على حفلات التخرج تصل إلى 1000 ريال أو 2000 ريال، بحجة أن الاحتفال يتطلب كثيرا من المصروفات، مبينةً أن هناك مدارس وصل الأمر بها إلى أن تتصل بأولياء الأمور تطلب منهم إحضار ضيافة الحفل، التي ستوزع على الأمهات من جيوبهن الخاصة -حسب قولها-، متأسفةً أن هناك استغلالا واضحا لا يجب التغاضي عنه، مؤكدةً أن مثل هذه الحفلات تضع مسؤوليات مادية كبيرة ومرهقة على أولياء الأمور، حتى إن هناك من يرفض مشاركة ابنته أو ابنه في الحفل، ما يتسبب في جرح لمشاعر الابنة أو الابن، متأسفةً مرةً أخرى أنه ليست هناك مراقبة لمثل هذه الحفلات التي أصبحت تتجه نحو المبالغة، والمشكلة أن بعض المدارس أصبحت تدخل ضمن السبق في التباهي بها وفي إقامتها بشكل لافت ومبالغ فيه، لافتةً إلى أن الاحتفال في النهاية ثمرة الطالب وخطوة جيدة ومحفزة، لكن يجب ألا تتجه نحو المبالغات التي وصلت إلى توزيع أطقم الذهب وإحضار البالونات التي تحجب الرؤية في الشارع وفي قاعة الاحتفال، وهناك من يجعلها تصل إلى تأجير القاعات والاستراحات حتى خرجت عن حدود المعقول. لفت الأنظار وتحدثت سعاد المهيزعي - مديرة التعليم الأهلي سابقاً - قائلةً: أن حفلات التخرج كانت وما زالت موجودة، لكنها كانت تأخذ شكلا بسيطا لا يرهق كاهل أولياء الأمور، بخلاف ما يحدث في الوقت الحالي، لذلك لا بد من إلزام المدارس بأن تقام مثل هذه الحفلات في المدرسة نفسها، كما لا بد أن يوحد الزي بحيث يبلغ به الطالبات لتوفيره، أمّا إذا تكفلت المدرسة بتوفير الزي فلا بد ألا يخرج عن الحدود المعقولة في التكلفة المادية، مع وجود فقرات الحفل التي تدرب عليها الطالبات بحيث لا تكلف شيئا، مُشددةً على ضرورة أن تتدخل وزارة التعليم بتخصيص مشرفات يقمن بالإشراف على مثل هذه الحفلات للتخرج في المدارس الأهلية والحكومية بشكل يطلعن فيها على التكلفة المادية، حتى لا تكون هناك مبالغات مالية يتم فرضها على أولياء الأمور مع الاطلاع على فقرات الحفل، مبينةً أن أولياء الأمور - مع الأسف - يقبلون بمبالغ الرسوم التي تدفع إلى المدارس الأهلية منذ البداية، والوزارة ليست لها علاقة بوضع سقف محدد لتلك الرسوم الدراسية، فمن الطبيعي ألا تتدخل في وضع السقف ذاته على رسوم حفلات التخرج، وهنا المشكلة، ذاكرةً أن المدراس الأهلية عليها أن تتحمل كامل تكلفة حفل التخرج، من خلال المبلغ الذي تحصل عليه بداية العام الدراسي رسوما للدراسة، ولا بد أن يكون شاملا تكلفة مثل هذه الحفلات حتى لا يكون هناك إرهاق مادي على أولياء الأمور. وأشارت إلى أن المدارس الأهلية أصبحت تتسابق في إقامة حفلات التخرج بشكل يلفت أنظار أولياء الأمور لها، فيحدث إغراء للأسر حينما يسمعون بالحفل الذي أقيم في مدرسة من المدارس، فيرغبون بها كمدرسة لأبنائهم، لذلك أصبح هناك تنافس في واقع بعض المدارس الأهلية للتنسيق لمثل هذه الحفلات، إلاّ أن إشراف إدارة التعليم على مثل هذه الحفلات سيحد من التكلفة الكبيرة التي تفرض على أولياء الأمور، موضحةً أن المدارس الحكومية تعمل حفلات التخرج تحت إشراف المشرفة على المدرسة، إلاّ أن ذلك لم يمنعها أيضاً من أخذ رسوم اشتراك لمثل هذه الحفلات، لكنها مبالغ مالية لا تصل إلى سقف المدارس الأهلية، التي تخصص لكل فقرات برنامج الحفل زيا محددا، لذلك لا بد من أن يشمل أقساط الرسوم الدراسية للمدارس الأهلية تكلفة حفل التخرج للطالبات. التخرج ثمرة النجاح إلاّ أنه من المهم الابتعاد عن المبالغات