لا شك أن تعاون مركز التواصل والاستشراف المعرفي مع هذه المراكز والبرامج الموجودة في الجامعات الأميركية، وتوثيق علاقات التعاون معها سيسهمان في تصحيح الكثير من المعلومات المغلوطة عن المملكة وعن الإسلام والتاريخ الإسلامي في المناهج والموضوعات أو الحوارات التي تنظمها هذه المراكز.. تناولت في مقالة سابقة موضوع صدور أمر ملكي بإنشاء مركز للتواصل والاستشراف المعرفي بغرض تحليل المعلومات الإعلامية وتنفيذ الدراسات والبحوث والاستطلاعات لقياس اتجاهات الرأي العام، والتعاون مع مراكز البحوث والاستشارات وبيوت الخبرة، وعقد حلقات نقاش ولقاءات وتنظيم ورش عمل ومؤتمرات متخصصة بما يمكنه من خدمة أهداف المملكة، وتصحيح الكثير من المعلومات المغلوطة عن مواقفها من القضايا الإقليمية والدولية، وتصحيح النظرة تجاه الإسلام انطلاقاً من دور المملكة الرائد في رعاية وخدمة الإسلام والمسلمين والدفاع عن قضاياهم في المحافل الدولية. ويأتي من ضمن أوجه التعاون المقترحة بين المركز وبين المؤسسات البحثية عالمياً ما يتوفر من مراكز للدراسات الإٍسلامية والشرق أوسطية في الجامعات الأميركية والتي يبلغ عددها 53 مركزاً تنتشر في عدد من الجامعات الأميركية المرموقة مثل هارفارد وستانفورد وييل وبيركلي وبرنستون وبراون وكورنيل وألينوي وأنديانا وكولومبيا وغيرها من الجامعات الأخرى والتي تقدم مقررات في اللغة العربية واللغات المتداولة في المناطق الإسلامية، وتصدر مجلات ونشرات دورية متخصصة، وتنظم ندوات ومؤتمرات متخصصة في شؤون الشرق الأوسط والدول الإسلامية، حتى أصبحت هذه المراكز مرجعاً لكثير من المهتمين من الأميركيين بالتعرف على الإسلام وتاريخه ولغات أبنائه. ولا شك أن تعاون مركز التواصل والاستشراف المعرفي مع هذه المراكز والبرامج الموجودة في الجامعات الأميركية، وتوثيق علاقات التعاون معها سيسهمان في تصحيح الكثير من المعلومات المغلوطة عن المملكة وعن الإسلام والتاريخ الإسلامي في المناهج والموضوعات أو الحوارات التي تنظمها هذه المراكز. ولن تقتصر مجالات التعاون المقترحة على المشاركة في الندوات والمؤتمرات، بل يمكن أن تشمل إجراء البحوث والدراسات المشتركة والاستفادة من الكم الهائل من الكتب والمخطوطات التي تتوفر في هذه الجامعات عن الشرق الأوسط وعن الإٍسلام على وجه الخصوص، فمثلاً في جامعة (برنستون) يوجد مكتبة تحوي أكثر من (341835) مجلداً في مجموعة اللغات الشرقية مع أكثر من (15637) من مخطوطات الشرق الأدنى، وتضم جامعة (بيركلي) مكتبة ضخمة تصل إلى أكثر من 9 ملايين مجلد مصنفة حسب لغات الشرق الأوسط، وفي جامعة (ييل) يتوفر لدى المكتبة أكثر (11) مليون مجلد، منها 280 ألف مجلد في لغات الشرق الأوسط، و500 ألف مجلد في لغات الشرق الأوسط واللغات الأوروبية، إضافة إلى مجموعات من المخطوطات والوثائق النادرة. وتجربة المملكة ليست جديدة في التعاون مع هذه المراكز العلمية، حيث يقف في طليعتها مركز الملك فهد لدراسات الشرق الأوسط في كلية فولبرايت للآداب والعلوم في جامعة أركنساس، وكرسي الملك عبدالعزيز للدراسات الإسلامية في جامعة كاليفورنيا، وكرسي الملك فهد لدراسات الشريعة الإسلامية في جامعة هارفارد، ومركز الأمير الوليد بن طلال لتوطيد العلاقات الإسلامية المسيحية في جامعة جورج تاون. وما دامت هذه الجامعات تستقبل الهبات والمنح من الحكومات الإسلامية والمؤسسات والشركات والأشخاص الاعتباريين لإنشاء برامج تهتم بالدراسات الإسلامية والعربية كما هو واضح في مركز الملك فهد لدراسات الشرق الأوسط في جامعة أركنساس، ومركز آغا خان للدراسات المعمارية الإسلامية في جامعة هارفارد، ومركز شعيب وسارا عباسي للدراسات الإسلامية في جامعة ستانفورد، ومركز الأمير الوليد بن طلال لتوطيد العلاقات الإسلامية المسيحية في جامعة جورج تاون، ومركز هاغوب كيفوركيان في جامعة نيويورك، ومركز (علي فيرول آك) للدراسات العالمية الإسلامية في جامعة جورج مايسون، فإن الوقت قد حان للاستفادة من هذه الميزة الفريدة، وبناء جسور من التعاون العلمي الفريد مع هذه المراكز لتقديم الدراسات الرصينة والموثوقة عن المملكة من خلال مركز التواصل الإعلامي خاصة أن هذه المراكز في معظمها تتعاون مع الدوائر الحكومية ودوائر صناعة القرار في الحكومة الأميركية، وتستفيد منها مراكز الدراسات الاستراتيجية الخاصة بالشرق الأوسط في تنفيذ العديد من الدراسات والبحوث، وحتى تنفيذ استطلاعات الرأي لمساعدتها في صياغة سياسات الحكومة الأميركية المتعلقة بالمنطقة. وجانب آخر من التعاون بين المركز وهذه المراكز هو أن معظمها يعاني من قلة المتخصصين في اللغة العربية والدراسات الإسلامية، وهنا فكرة أخرى لدعم هذه المراكز بالمتخصصين في اللغة العربية والدراسات الإسلامية خاصة أن جميع هذه المراكز أصبحت تهتم بتدريس اللغة العربية التي تحظى بإقبال متزايد خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر. وليس بالضرورة أن يكون التعاون مباشراً مع هذه المراكز والجامعات، ولكن من الممكن أن يكون التعاون بين مؤسسات التعليم العالي في المملكة (الجامعات على وجه الخصوص) وبين الجامعات المماثلة، وتوقيع اتفاقيات مشتركة، أو تفاهمات مباشرة بحيث تتضمن تبادل الزيارات الطلابية، وتمكين أعضاء هيئة التدريس من إلقاء المحاضرات المتخصصة بين الجامعات، والمشاركة في الدراسات البحثية التي تعتمد على التوثيق العلمي الرصين والإحصاءات العلمية الدقيقة.