هل تخيلت يوماً أن يكون بعض الأشخاص على تواصل مع بعضهم البعض حولك دون أن تشعر؟ للأسف نعم، الكثيرون بدؤوا منذ زمن استغلال بعض التقنيات والطرق للتواصل فيما بينهم بشكل سري ومن وراء الكواليس! أشهر الأمثلة على ذلك هو استخدام علم "إخفاء البيانات أو فن الاختزال" و يعرف بالإنجليزية بSteganography، والذي يقتضي تبادل الرسائل السرية بين شخصين دون علم أي طرف ثالث، وذلك بتضمين الرسالة المرغوبة داخل ملف "الغطاء" أو الملف "الحامل" والذي يمكن أن يكون ملف صورة، أو ملف نصي، أو ملف فيد، ويتم استرداد الرسالة المخفية من قبل الطرف الثاني الذي يعلم بوجودها. ويعتبر "علم إخفاء البيانات" أحد أبرز مجالات "أمن المعلومات" ويتشابه مع علم التشفير في بعض السمات لكنهما يختلفان عن بعضهما البعض. وقد بدأ الباحثون بالاهتمام بهذا العلم منذ سنوات لعدة أسباب أبرزها الاستخدامات غير الأخلاقية له والتي أصبحت تحدياً لكل متحر يعمل في مجال العلوم الجنائية الرقمية. أنت كمستخدم عادي تتصفح الإنترنت لا تعلم أن الصور المنتشرة بشكل عشوائي هنا وهناك في بعض المواقع المشهورة مثل "أمازون" قد تحمل رسائل مخفية لأشخاص هدفهم التواصل الخفي لتنفيذ أغراض غير قانونية. حيث يمكن للمرسل أن يستخدم صورة غير ملفتة، ويعدل فى لون نقطة داخل الصورة وتسمى (pixel) لكل مئة من النقاط، ليقابل حرفاً أبجدياً، سيكون التغيير طفيفاً وغير محسوس ومن المستحيل اكتشافه بالعين المجردة. ومن الممكن وأنت تقرأ هذا المقال وتستمع إلى أي نوع من الموسيقى أن يكون ذلك الملف معه بيانات مخفية بطريقة معينة لا تؤثر على جودته ولا يمكن لمستمع الأغنية أن يشك بوجود أي شيء غير طبيعي. بالتأكيد إن لعلم "إخفاء البيانات" استخدامات مفيدة وقانونية عديدة، منها تضمين "العلامة المائية" أو "Watermarking"، والتي تستخدم لحفظ حقوق الملكية، كالتواقيع الصغيرة التي يضعها الرسامون والمصورون على لوحاتهم، وإزالة هذه العلامة بأي طريقة يعتبر جريمة واختراق للحقوق ويحق لصاحبها رفع دعوى على من تجاوز على حقه. استخدام آخر وهو مراقبة وتتبع الملفات المنسوخة بشكل غير قانوني مثل بطاقات الهوية الشخصية عن طريق تضمين البصمات داخل البطاقات الشخصية. الجدير بالذكر أن شركات إنتاج الطابعات العالمية مثل HP وشركات الأخرى بدأت فى التكيف مع هذا العلم المتطور بطريقة غير طبيعية حيث إن معظم الطابعات الحديثة تقوم بإنتاج ووضع نقطة لا ترى إلا بالميكرسكوب تلك النقطة تحمل معلومات عن رقم الطابعة التى قامت بطبع تلك الورقة، ومزيد من المعلومات الخاصة بعملية الطبع كالوقت والتاريخ لعملية الطبع. إذاً مع التقدم العلمي ودخول الحاسوب إلى كل المجالات تطورت طرق التجسس والتشفير لتخترق عالم الحاسب الآلي حتى وصلنا إلى علم الكتابة المخفية، وأصبحت التقنية في وقتنا الحالي جزءا لا يتجزأ من حياتنا، وعليه يلزمنا رفع مستوى الوعي بما يجري حولنا. * أستاذ نظم المعلومات المساعد بجامعة أم القرى عضو مجموعة حماية لأمن المعلومات